للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

غَزْوَة بني سليم ١

وَلم يُقِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد مُنْصَرفه عَن بدر إِلَّا سَبْعَة أَيَّام، ثمَّ خرج بِنَفسِهِ الْكَرِيمَة يُرِيد بني سليم، واستخلف على الْمَدِينَة سِبَاع بْن عرفطة العفاري، وَقيل: ابْن أم مَكْتُوم، فَبلغ مَاء٢ يُقَال لَهُ الكدر، فَأَقَامَ عَلَيْهِ ثَلَاث لَيَال ثمَّ انْصَرف وَلم يلق أحدا.

غَزْوَة السويق ٣

ثمَّ إِن أَبَا سُفْيَان [بْن حَرْب٤] لما انْصَرف فل بدر آلى أَن يَغْزُو رَسُول لله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخرج فِي مِائَتي رَاكب حَتَّى أَتَى العريض فِي طرف الْمَدِينَة، فَحرق أصوارا٥ من النّخل، وَقتل رجلا من الْأَنْصَار وحليفا لَهُ وجدهما فِي حرث لَهما، ثمَّ كرّ رَاجعا.

ثمَّ نفر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمسلمون فِي أَثَره، وَاسْتعْمل على الْمَدِينَة أَبَا لبَابَة بن عبد


= ثمَّ إِن عمرا حسن لعمارة أَن يتَّصل بِزَوْجَة الْملك لتعينهما عِنْد النَّجَاشِيّ، فاتصل بهَا، إِلَى أَن عرف عَمْرو أَنَّهَا طيبته من طيب الْملك، وَكَانَ لَهُ طيب خَاص. فَألْقى حِينَئِذٍ إِلَى الْملك أَن عمَارَة تعرض لحريمه بأمارة كَذَا، فكشف الْملك، فَصحت لَهُ الأمارة، فَفعل بِهِ مَا فعل وَالله أعلم بذلك. وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا إِن صَحَّ فَهُوَ من أُمُور الْجَاهِلِيَّة الَّتِي لَا يلْتَمس لَهَا التَّأْوِيل. غير أَن فِي هَذِه الْقِصَّة نُكْتَة، وَذَلِكَ أَن عمَارَة هَذَا كَانَ من قُرَيْش يضاهى بِهِ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فِي جمال صورته وَفِي قبُول "حسن" على وَجهه، حَتَّى قَالُوا لأبي طَالب: خُذ عمَارَة هَذَا عوضا من مُحَمَّد، فَقَالَ: وَالله لَا أعدل بِمُحَمد أحدا. فَكَأَن الله عز وَجل آخذ عمَارَة وآخذ قُريْشًا فِيهِ حَتَّى ساءت عاقبته، وانتقل من جمال الْبشر إِلَى بشاعة الْوَحْش، وَصَارَ الشَّيْطَان أشبه بِهِ من الْإِنْسَان، يُقَال إِنَّه صَار يغطى وَجهه شعر حاجبيه، وطالت أَظْفَاره طولا فَاحِشا، وَسَاءَتْ حَاله، وَنَفر من الْآدَمِيّين ونفروا مِنْهُ، وناهيك بِإِنْسَان يرى الْإِنْسَان فَيَمُوت، وَطلبت قُرَيْش أَن تؤلف عَلَيْهِ النَّاس عنادا بِهِ لرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فابتلاه الله بِهَذِهِ الوحشة، وَقَبضه عَلَيْهَا، وَالْأَمر بيد الله، ومكروا ومكر الله وَالله خير الماكرين. وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين.
١ انْظُر فِي غَزْوَة بني سليم ابْن هِشَام ٣/ ٤٦ وَابْن سعد ج٢ ق١ ص٢٤ والطبري ٢/ ٤٨٢ وَابْن حزم ص١٥٢ وَابْن سيد النَّاس ١/ ٢٩٤ وَابْن كثير ٣/ ٣٤٤ والسيرة الحلبية ٢/ ٢٧٠.
٢ فِي ابْن هِشَام: فَبلغ مَاء من مِيَاههمْ.
٣ انْظُر فِي غَزْوَة السويق ابْن هِشَام ٣/ ٤٧ وَابْن سعد ج٢ ق١ ص٢٠ والواقدي ص١٨٢ والطبري ٢/ ٤٨٣ وأنساب الْأَشْرَاف ١/ ١٤٧ وَابْن حزم ص١٥٢ وَابْن سيد النَّاس ١/ ٣٤٤ وَابْن كثير ٣/ ٣٤٤ والنويري ١٧/ ٧٠ والسيرة الحلبية ٢/ ٢٧٧.
٤ زِيَادَة من ر.
٥ أصوار: جمع صور، وَهُوَ صغَار النّخل المجتمعة.

<<  <   >  >>