للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من بني قُرَيْظَة لَا يَخْتَلِفُونَ فِي ذَلِك، وَلم يدْرك غَزْوَة الْمُريْسِيع١ وَلَا حضرها.

وَقدم رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة، فَقدم عَلَيْهِ مقيس بْن صبَابَة مظْهرا لِلْإِسْلَامِ وطالبا لدين أَخِيه هِشَام بْن صبَابَة، فَأمر لَهُ عَلَيْهِ السَّلَام بِالدِّيَةِ، فَأَخذهَا، ثمَّ عدا على قَاتل أَخِيه، فَقتله، وفر إِلَى مَكَّة كَافِرًا، وَهُوَ أحد الَّذين أَمر رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِهِم فِي حِين دُخُول مَكَّة.

ثمَّ بعث رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -إِلَى بني المصطلق بعد إسْلَامهمْ بِأَكْثَرَ من عَاميْنِ الْوَلِيد بْن عقبَة بْن أبي معيط مُصدقا٢ لَهُم، فَخَرجُوا ليتلقوه، فَفَزعَ مِنْهُم، وَظن أَنهم يريدونه بِسوء، فَرجع عَنْهُم. وَأخْبر رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنهم ارْتَدُّوا وَمنعُوا الزَّكَاة وهموا بقتْله. فَتكلم الْمُسلمُونَ فِي غزوهم، فَبَيْنَمَا هم كَذَلِك إِذْ قدم وافدهم مُنْكرا لرجوع مصدقهم عَنْهُم دون أَن يَأْخُذ صَدَقَاتهمْ [وَأَنَّهُمْ] إِنَّمَا خَرجُوا إِلَيْهِ مكرمين لَهُ، فأكذبه الْوَلِيد بْن عقبَة، فَأنْزل اللَّه عز وَجل: {يَا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ} يَعْنِي الْوَلِيد بْن عقبَة {فَتَبَيَّنُوا أَن تصيبوا قوما بِجَهَالَة ... } الْآيَة.

عمْرَة ٣ الْحُدَيْبِيَة

فَأَقَامَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بِالْمَدِينَةِ مُنْصَرفه من غَزْوَة بني المصطلق رَمَضَان٤ وشوالا، وَخرج فِي ذِي الْقعدَة٥ مُعْتَمِرًا، فاستنفر الْأَعْرَاب الَّذين حول الْمَدِينَة، فَأَبْطَأَ عَنهُ أَكْثَرهم. وَخرج رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمن مَعَه من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَمن اتبعهُ من الْعَرَب،


١ هَذَا على قَول من قَالَ إِنَّهَا كَانَت بعد غَزْوَة بني قُرَيْظَة. أما من يَقُول كَابْن سعد أَنَّهَا كَانَت قبلهَا فَإِنَّهُ يسْقط عِنْده اعْتِرَاض ابْن عبد الْبر.
٢ مُصدقا: جَامعا لِلزَّكَاةِ.
٣ انْظُر فِي عمْرَة الْحُدَيْبِيَة ابْن هِشَام ٣/ ٣٢١ والواقدي ٣٨٣ وَابْن سعد ج٢ ق١ ص٦٩ وَالْبُخَارِيّ ٥/ ١٢١ وصحيح مُسلم بشرح النَّوَوِيّ ١٢/ ١٣٥ والطبري ٢/ ٦٢٠ وَابْن حزم ص٢٠٧ وَابْن سيد النَّاس ٢/ ١١٣ وَابْن كثير ٤/ ١٦٤ والنويري ١٧/ ٢١٧. وَالْحُدَيْبِيَة بِئْر سمي بهَا الْمَكَان وَقيل شَجَرَة حدباء سمي بهَا على التصغير، وَقيل: قَرْيَة قريبَة من مَكَّة.
٤ فِي الأَصْل: أَيْضا فِي شَوَّال: وَهُوَ تَصْحِيف من نَاسخ.
٥ عِنْد ابْن سعد: يَوْم الِاثْنَيْنِ لهِلَال ذِي الْقعدَة.

<<  <   >  >>