للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَيحك يَا أَبَا سُفْيَان هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاس، وأصباح قُرَيْش، فَقَالَ أَبُو سُفْيَان: فَمَا الْحِيلَة؟ فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاس: هَذَا وَالله لَئِن ظفر بك ليقتلنك، فَارْتَدِفْ خَلْفي وانهض معي إِلَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فأردفه الْعَبَّاس وَلَقي بِهِ الْعَسْكَر، فَلَمَّا رأى النَّاس [الْعَبَّاس] ١ على بغلة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْسكُوا. وَمر على نَار عمر [وَنظر٢ عمر إِلَى أبي سُفْيَان] فميزه، فَقَالَ: أَبُو سُفْيَان عَدو اللَّه، الْحَمد لله الَّذِي أمكن مِنْك بِغَيْر عقد وَلَا عهد. ثمَّ خرج يشْتَد٣ إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وسابقه [الْعَبَّاس] ٤ فسبقه الْعَبَّاس على البغلة وَكَانَ عمر بطيئا فِي الجري. فَدخل الْعَبَّاس وَدخل عمر على أَثَره. فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّه هَذَا عَدو اللَّه أَبُو سُفْيَان قد أمكن اللَّه مِنْهُ بِلَا عقد وَلَا عهد، فَأذن لي أضْرب عُنُقه. فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاس: مهلا يَا عمر، فوَاللَّه لَو كَانَ من بني عدي٥ بْن كَعْب مَا قلت هَذَا وَلكنه من بني عَبْد منَاف. فَقَالَ عمر: مهلا، فوَاللَّه لإسلامك يَوْم أسلمت كَانَ أحب إِلَيّ من إِسْلَام الْخطاب لَو أسلم، وَمَا بِي إِلَّا أَنِّي قد عرفت أَن إسلامك كَانَ أحب إِلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [من٦ إِسْلَام الْخطاب لَو أسلم] . فَأمر [رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] الْعَبَّاس أَن يحملهُ إِلَى رَحْله ويأتيه بِهِ صباحا. فَفعل الْعَبَّاس ذَلِك، فَلَمَّا أصبح أَتَى بِهِ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ألم يَأن ٧ لَك بِأَن تعلم أَن لَا إِلَه إِلَّا اللَّه؟ " فَقَالَ أَبُو سُفْيَان: بِأبي أَنْت وَأمي مَا أحلمك وَمَا أكرمك وأوصلك، وَالله لقد ظَنَنْت أَنه لَو كَانَ مَعَ اللَّه إِلَه غَيره لقد أغناني٨، قَالَ: "وَيحك يَا أَبَا سُفْيَان ألم يَأن لَك أَن تعلم أَنِّي رَسُول اللَّه؟ " قَالَ: بِأبي أَنْت وَأمي مَا أحلمك وأكرمك وأوصلك أما هَذِه فَإِن فِي النَّفس مِنْهَا شَيْئا٩ حَتَّى الْآن. فَقَالَ لَهُ الْعَبَّاس: أسلم قبل أَن تضرب عُنُقك، فَأسلم، فَقَالَ الْعَبَّاس: يَا رَسُول اللَّه إِن أَبَا سُفْيَان يحب الْفَخر، فَاجْعَلْ لَهُ شَيْئا، فَقَالَ رَسُول الله


١ زِيَاد من ر.
٢ زِيَادَة من ابْن حزم وَهُوَ فِي أَكثر صحفه ينْقل عَن ابْن عبد الْبر.
٣ يشْتَد: يسْرع فِي الْعَدو.
٤ زِيَادَة من ر.
٥ هم عشيرة عمر.
٦ زِيَادَة من ر وابْن هِشَام وَغَيره.
٧ ألم يَأن: ألم يحن.
٨ فِي ابْن هِشَام: لقد أغْنى شَيْئا بعد.
٩ هَكَذَا فِي ر وَفِي الأَصْل: شَيْء.

<<  <   >  >>