للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أَيْضا من الْمُسلمين سَلمَة بْن الميلاء الْجُهَنِيّ. وَقتل من الْمُشْركين ثَلَاثَة عشر رجلا، ثمَّ انْهَزمُوا. وَهَذِه سَبِيل العنوة فِي غير مَكَّة. وَكَانَ شعار الْمُهَاجِرين يَوْم الْفَتْح وحنين والطائف: يَا بني عَبْد الرَّحْمَن، وشعار الْخَزْرَج: يَا بني عَبْد اللَّهِ، وشعار الْأَوْس يَا بني عبيد اللَّه.

وَكَانَ الَّذين استثناهم رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين أَمن النَّاس عبد الْعُزَّى بْن خطل وَهُوَ من بني الأدرم بْن غَالب، وَعبد اللَّه بْن سعد بْن أبي سرح، وَعِكْرِمَة بْن أبي جهل، وَالْحُوَيْرِث بْن نقيذ بْن وهب بْن عَبْد بْن قصي، وَمقيس بْن صبَابَة، وَقَيْنَتَيِ بن خطل: فرتنى وصاحبتها١ كَانَتَا تُغنيَانِ ابْن خطل بهجو رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَسَارة مولاة لبَعض بني عَبْد الْمطلب.

أما ابْن خطل فَإِنَّهُ كَانَ أسلم وَبَعثه النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُصدقا٢، وَبعث مَعَه رجلا من الْمُسلمين فَعدا عَلَيْهِ، فَقتله وارتد وَلحق بالمشركين بِمَكَّة، فَوجدَ يَوْم الْفَتْح مُتَعَلقا بِأَسْتَارِ الْكَعْبَة، فَقتله سعيد ين حُرَيْث المَخْزُومِي وَأَبُو بَرزَة الْأَسْلَمِيّ.

وَأما عَبْد اللَّهِ بْن سعد بْن أبي سرح فَكَانَ يكْتب لرَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثمَّ لحق بِمَكَّة مُرْتَدا، فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْفَتْح اختفى. ثمَّ أَتَى بِهِ عُثْمَان بْن عَفَّان النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ أَخَاهُ من الرضَاعَة، فاستأمن لَهُ رسولَ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَسكت عَنهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [سَاعَة] ٣ ثمَّ أَمنه وَبَايَعَهُ. فَلَمَّا خرج قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَصْحَابه: "هلا قَامَ بَعْضكُم فَضرب عُنُقه؟ " فَقَالَ رجل من الْأَنْصَار: هلا أَوْمَأْتَ إِلَيَّ؟ فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: "مَا كَانَ لنَبِيّ أَن يكون لَهُ خَائِنَة الْأَعْين". ثمَّ عَاشَ عَبْد اللَّهِ بْن سعد حَتَّى اسْتَعْملهُ عمر، ثمَّ ولاه عُثْمَان مصر. وَهُوَ الَّذِي غزا إفريقية وافتتحها أول مرّة. وَحسن إِسْلَامه، وَلم يظْهر مِنْهُ بعد فِي دينه شَيْء يكره.

وَأما عِكْرِمَة بْن أبي جهل ففر إِلَى الْيمن، فاتبعته امْرَأَته أم حَكِيم بنت الْحَارِث بْن هِشَام فَردته٤، فَأسلم وَحسن إِسْلَامه، وَكَانَ من فضلاء الصَّحَابَة


١ كَانَت تسمى قريبَة.
٢ مُصدقا: جَامعا لِلزَّكَاةِ.
٣ زِيَادَة من ر وَابْن حزم: وَفِي ابْن هِشَام: فَصمت طَويلا.
٤ فِي ابْن هِشَام ٤/ ٥٣: أَنَّهَا أسلمت واستأمنت لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فَأَمنهُ فَخرجت فِي طلبه إِلَى الْيمن حَتَّى أَتَت بِهِ رَسُول الله فَأسلم، وَعَكَفَ على الْعِبَادَة وَالْجهَاد فِي سَبِيل الله حَتَّى مَاتَ شَهِيدا فِي حروب الشَّام قيل فِي اليرموك وَقيل فِي أجنادين.

<<  <   >  >>