للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَأما الْحُوَيْرِث بْن نقيذ فَكَانَ يُؤْذِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّة، فَقتله عَليّ بْن أبي طَالب يَوْم الْفَتْح.

وَأما قيس بْن صبَابَة فَكَانَ قد أَتَى النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام قبل ذَلِك مُسلما ثمَّ عدا على رجل من الْأَنْصَار فَقتله بعد أَن أَخذ الدِّيَة مِنْهُ فِي قَتِيل لَهُ، ثمَّ لحق بِمَكَّة مُرْتَدا١. فَقتله يَوْم الْفَتْح نميلَة بْن عَبْد اللَّهِ اللَّيْثِيّ وَهُوَ ابْن عَمه. وَفِي سنَنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنه قَالَ: "لَا أعفى أحدا قَتَلَ بعد أَخذ الدِّيَة". هَذَا من الْمُسلمين، وَأما مقيس بْن صبَابَة فَارْتَد وَقتل بعد أَخذ الدِّيَة.

وَأما قَيْنَتَا ابْن خطل فقتلت إِحْدَاهمَا وَاسْتُؤْمِنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأُخْرَى، فَأَمَّنَهَا، فَعَاشَتْ مُدَّة ثمَّ مَاتَت فِي حَيَاة النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام.

وَأما سارة فَاسْتُؤْمِنَ لَهَا أَيْضا، وأمنها عَلَيْهِ السَّلَام، وَعَاشَتْ إِلَى أَن أَوْطَأَهَا رَجُلٌ فَرَسًا بِالْأَبْطح فِي زمَان عمر فَمَاتَتْ.

واستتر رجلَانِ من بني مَخْزُوم عِنْد أم هَانِيء بنت طَالب فأجارتهما وأمنتهما، فَأمْضى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أمانها، وَقَالَ: "قد أجرنا من أجرت يَا أم هَانِيء وَأمنا من أمنت" وَكَانَ عَليّ أَرَادَ قَتلهمَا، قيل: إنَّهُمَا الْحَارِث بْن هِشَام وَزُهَيْر بْن أبي أُميَّة أَخُو أم سَلمَة، وأسلما وَكَانَا من خِيَار الْمُسلمين، وَقيل: إِن أَحدهمَا جعدة٢ بْن هُبَيْرَة، وَالْأول أصح.

وَطَاف رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْكَعْبَةِ، ودعا عُثْمَان بْن طَلْحَة فَأخذ مِنْهُ مِفْتَاح الْكَعْبَة بعد أَن مانعته أمه ذَلِك ثمَّ أسلمته. فَدخل النَّبِي الْكَعْبَة وَمَعَهُ أُسَامَة بْن زيد، وبلال بْن رَبَاح، وَعُثْمَان بْن طَلْحَة، وَلَا أحد مَعَه غَيرهم. فأغلق الْبَاب عَلَيْهِ. وَصلى داخلها رَكْعَتَيْنِ. ثمَّ خرج وَخَرجُوا، ورد الْمِفْتَاح إِلَى عُثْمَان بْن طَلْحَة، وَأبقى لَهُ حجابة٣ الْبَيْت وَقَالَ: $"خذوها خالدة تالدة إِلَى يَوْم الْقِيَامَة" فَهِيَ إِلَى الْآن فِي ولد شيبَة بْن عُثْمَان بن طَلْحَة.


١ انْظُر قصَّته فِي غَزْوَة بني المصطلق السالفة، وَكَانَ الْأنْصَارِيّ قتل أَخَاهُ هشاما خطأ فِي نفس الْغَزْوَة، وَقيل: بل فِي غَزْوَة ذِي قرد. قَارن بالاستيعاب ص٦١٢.
٢ هُوَ جعدة بن هُبَيْرَة بْن أبي وهب المَخْزُومِي، أمه أم هَانِيء نَفسهَا، وَسَيَأْتِي الحَدِيث عَن أَبِيه.
٣ الحجابة: سدانة الْبَيْت وَالْقِيَام على خدمته.

<<  <   >  >>