للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

زيد، وخطمة، وواقد١ [وَوَائِل] ٢، وهم بطُون من الْأَوْس، وَكَانُوا سكانا فِي عوالي الْمَدِينَة، فَأسلم مِنْهُم قوم. وَكَانَ سيِّدَهُمْ أَبُو قيس بْن صَيْفِي بْن الأصلت الشَّاعِر، فَتَأَخر إِسْلَامه وَإِسْلَام سَائِر قومه إِلَى أَن مَضَت بدر وَأحد وَالْخَنْدَق، ثمَّ أَسْلمُوا كلهم.

ثمَّ رَجَعَ مُصعب بْن عُمَيْر إِلَى مَكَّة.

الْعقبَة الثَّالِثَة ٣

وَخرج إِلَى الْمَوْسِم جمَاعَة كَبِيرَة مِمَّن أسلم من الْأَنْصَار يُرِيدُونَ لِقَاء رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جملَة قوم كفار مِنْهُم لم يسلمُوا بعد، فوافوا مَكَّة. وَكَانَ فِي جُمْلَتهمْ الْبَراء٤ بْن معْرور، فَرَأى أَن يسْتَقْبل الْكَعْبَة فِي الصَّلَاة، وَكَانَت الْقبْلَة إِلَى بَيت الْمُقَدّس. فصلى كَذَلِك طول طَرِيقه. فَلَمَّا قدم مَكَّة نَدم، فاستفتى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ: "قد كنت على قبْلَة لَو صبرت عَلَيْهَا"، مُنْكِرًا لِفِعْلِهِ.

فواعدوا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعقبَة من أواسط أَيَّام التَّشْرِيق، فَلَمَّا كَانَت تِلْكَ اللَّيْلَة دَعَا كعبُ بْن مَالك وَرِجَال من بني سَلمَة عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرو بْن حرَام وَكَانَ سيدا فيهم، إِلَى الْإِسْلَام، وَلم يكن أسلم، فَأسلم تِلْكَ اللَّيْلَة وَبَايع. وَكَانَ ذَلِك سرا مِمَّن حضر من كفار قَومهمْ. فَخَرجُوا فِي ثلث اللَّيْل الأول متسللين من رحالهم إِلَى الْعقبَة، فَبَايعُوا رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدهَا على أَن يمنعوه مِمَّا يمْنَعُونَ مِنْهُ أنفسهم ونساءهم وأبناءهم وَأَن يرحل إِلَيْهِم هُوَ وَأَصْحَابه.

وَحضر الْعَبَّاس الْعقبَة تِلْكَ اللَّيْلَة متوثقا لرَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومؤكدا على أهل يثرب، وَكَانَ يَوْمئِذٍ على دين قومه لم يسلم. وَكَانَ للبراء بْن معْرور فِي تِلْكَ اللَّيْلَة الْمقَام الْمَحْمُود فِي


١ هَكَذَا فِي الأَصْل، وَفِي ابْن هِشَام ور: وَاقِف.
٢ زِيَادَة من ر وَابْن هِشَام.
٤ انْظُر فِي بيعَة هَذِه الْعقبَة ابْن هِشَام ٢/ ٨١ وَابْن سعد ج١ ق١ ص ١٤٨ والطبري ٢/ ٣٦٠ وَابْن حزم فِي جَوَامِع السِّيرَة ص٧٤ وَابْن سيد النَّاس ١/ ١٦١ وَابْن كثير ٣/ ١٥٨ والنويري ١٦/ ٣١٣، وَهِي عِنْد ابْن هِشَام الْعقبَة الثَّانِيَة.
٤ الْبَراء: آخر لَيْلَة فِي الشَّهْر، وَبهَا سمي الْبَراء بن معْرور، والمعرور: الْمَقْصُود.

<<  <   >  >>