للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدماغ بخاراً رديئاً سمّياً كَمَا يعرض للنِّسَاء من اختناق الرَّحِم وَأَقل أَحْوَال ضَرَر ذلكْ ر لى أَن تفحش سمّيته ثقل الْبدن وبرودته وعسر الحركات. فصل فِي مضار الْجِمَاع وأحواله ورداءة أشكاله: إِن الْجِمَاع يستفرغ من جَوْهَر الْغذَاء الْأَخير فيضعف إضعافاً لَا يضعف مثله الاستفراغات الآخرى ويستفرغ من جَوْهَر الرّوح شَيْئا كثيرا للذّة. وَلذَلِك أَكْثَرهم التذاذاً أوقعهم فيَ الضعْف وَأَن الْجِمَاع ليسرع بمسكثره إِلَى تبريد بدنه وتيبسه واستفراغه وَتَحْلِيل حرارته الغريزية وإنهاك قوته وتهييجه أَولا للحرارة الدخانية الغريبة حَتَّى يكثر عَلَيْهِ الشّعْر ثمَّ يعقبه التبريد التَّام وإضعاف حواسه من الْبَصَر والسمع وَيحدث بساقيه فتورإً ووجعاً فَلَا يكَاد يستقلّ بِحمْل بدنه وَقد يشبه حَاله بصرع خَفِي لذَلِك. وَرُبمَا غلبت عَلَيْهِ السَّوْدَاء ثمَّ الصَّفْرَاء ويعرض لَهُ دوار عَن ضعف وشبيه بدبيب النَّمْل فِي أَعْضَائِهِ يَأْخُذ من رَأسه إِلَى آخر صلبه ويعرض لَهُ طنين. وَكَثِيرًا مَا تعرض لَهُم حميات حادة محرقة فيهلكون فِيهَا وَقد تحدث لَهُم الرعشة وَضعف العصب والسهر وجحوظ الْعين كَمَا يعرض عِنْد النزع ويعرض لَهُم الصلع والأبردة ووجع الظّهْر والكلى والمثانة. وَالظّهْر يحمى أَولا فتنجذب مَادَّة الوجع إِلَيْهِ وَأَن تعتقل مِنْهُم الطبيعة. وَقد يورثهم القولنج ويبخرهم وينتن مِنْهُم الْفَم والعمور ويورثهم الغموم. وَمن كَانَت فِي بدنه أخلاط رَدِيئَة مرارية تحرّك مِنْهُم بعد الْجِمَاع قشعريرة وَمن كَانَت فِي بدنه أخلاط عفنة فاحت مِنْهُ بعد الْجِمَاع رَائِحَة مُنْتِنَة وَمن كَانَ ضَعِيف الهضم أحب بِهِ الْجِمَاع قراقر. وَمن النَّاس من هُوَ مبتلى بمزاج رَدِيء فَإِن هجر الْجِمَاع كرب وَثقل بدنه وَرَأسه وضجر وَكثر احتلامه وَإِن هُوَ تعاطاه ضعفت معدته ويبست. وَأولى النَّاس باجتناب الْجِمَاع من يُصِيبهُ بعده رعدة أَو برد أَو ضيق نفس خَفِي وخفقان وغور عين وَذَهَاب شَهْوَة الطَّعَام. وَمن صَدره عليل أَو ضَعِيف أوهو ضَعِيف الْمعدة فَإِن ترك الْجِمَاع أوفق شَيْء لمن معدته ضَعِيفَة وليجتنبه من النِّسَاء اللواتي يسقطن. وللجماع أشكال رَدِيئَة مثل أَن تعلو الْمَرْأَة الرجل فَذَلِك شكل رَدِيء للجماع يخَاف مِنْهُ الأدرة والانتفاخ وقروح الإحليل والمثانة بعنف انزراق الْمَنِيّ ويوشك أَن يسيل شَيْء فِي الإحليل من جِهَة الْمَرْأَة. وَاعْلَم أَن حبس الْمَنِيّ والمدافعة لَهُ ضار جدا وَرُبمَا أدّى إِلَى تعبيب إِحْدَى البيضتين. وَيجب أَن لَا يُجَامع وَالْحَاجة الثفلية أَو البولية متحركة وَلَا مَعَ رياضة أَو حَرَكَة أَو عقيب انفعال نفساني قوي. وإتيان الغلمان قَبِيح عِنْد الْجُمْهُور محرّم فِي الشَّرِيعَة وَهُوَ من جِهَة أضرّ وَمن جِهَة أقل ضَرَرا. أما من جِهَة أَن الطبيعة تحْتَاج فِيهِ إِلَى حَرَكَة أَكثر ليخرج الْمَنِيّ. فَهُوَ أضرّ. وَأما من جِهَة أَن الْمَنِيّ لَا يندفق مَعَه دفقاً كثيرا كَمَا يكون فِي النِّسَاء فَإِنَّهُ أقل ضْرراً ويليه فِي حكمه الْمُبَاشرَة دون الْفرج.

<<  <  ج: ص:  >  >>