للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَبْر إِلَّا بصعوبة ومدّ شَدِيد وأحوال عَظِيمَة وَمَعَ هَذَا فَإِذا حدثت مَعَ الْجراحَة أوجاع وأورام فِيهَا خطر فَلِأَن يعوج الْعُضْو خير من أَن يحدث خطر عَظِيم فَيجب أَن لَا يُبَالغ فِي أمرجبر مثل هَذَا الْكسر. وَإِن كَانَ مَعَ الْكسر رض كَانَ من ذَلِك مخاطرة فِي تآكل الْعُضْو فَيجب أَن يشرط الْموضع ليخرج الدَّم فَإِن فِيهِ خطراَ وَهُوَ أَن يَمُوت الْعُضْو وَإِن كَانَ نزف فَيجب أَن يحبس وَكَثِيرًا مَا يحوج لُحُوق الورم وَآفَة الْجراحَة إِلَى أَن يفعل غير الْوَاجِب من علاج الْعُضْو فيفصد ويسهل ويلطف الْغذَاء وَقد تحدث من الشد حكة فَيحْتَاج أَن يحل أَو أَن ينطل الْعُضْو بِمَاء حَار حَتَّى يحلل الرطوبات اللذاعة وبقراط يَأْمر لمن يجْبر أَن يمص شيئأ من الخربق فِي ذَلِك الْوَقْت وغرضه أَن يجذب الْموَاد إِلَى دَاخل وجالينوس يجبن عَن ذَلِك بل يَأْمر بِشرب الغاريقون وَإِن كَانَ لَا بُد فشيء من السكنجبين الَّذِي فِيهِ قُوَّة حريفة وَيَقُول أَن ذَلِك كَانَ فِي زمَان بقراط وفصله بَين الزمانين عَجِيب. وَإِذا رددت الْجَبْر ثمَّ أوجع وأقلق فَالصَّوَاب أَن يتْرك ذَلِك وَيخرج مَا رددت فَرُبمَا أرحت العليل بذلك من أوجاع. وَأما لكسر بالطول فَيَكْفِي فِيهِ أَن يلْزم الْعُضْو يشد شَدِيد أَشد مِمَّا فِي غَيره ويبالغ فِي غمره إِلَى دَاخل. وَأما الْكسر الَّذِي فِي الْعرض فَيجب أَن يقوم العظمان على الاسْتقَامَة فِي غَايَة مَا يُمكن ويراعى ذَلِك من جِهَة وضع الْأَجْزَاء السليمة وَينظر هَل هِيَ من هَذَا الْعظم محادثة لتنظيرها من الْعظم الآخر ثمَّ يجْبر ويراعي فِيمَا بَين ذَلِك أَشْيَاء مِنْهَا الشظايا والزوائد والثلم. فَأَما الشظايا فَإِنَّهَا إِذا لم تتهندم حَالَتْ بَين الْعِظَام وَبَين الانجبار وَإِذا انْكَسَرت أَيْضا وقفت بَين شفتي الْعظم فَلم تدع أَن يلْتَزم أَحدهمَا الآخر أَو زَالَت فَتركت قُرْحَته يجْتَمع فِيهَا دائماَ صديد فَيعرض من ذَلِك أَنَّهَا نَفسهَا تعفن وتعفن الْعُضْو ثمَّ لَا يكون الِالْتِزَام وثيقاً فَإِن الوثاقة إِنَّمَا تحصل إِذا تهندمت الشظايا والزوائد فِي مجاريها الَّتِي تقَابلهَا فَلَا بُد إِذن من تمديد شَدِيد جدا بأَيد أَو بحبال أَو بآلات أُخْرَى تمدداً أبعد مَا يكون فَتُصْبِح الْمُحَاذَاة بَين العظمين وَبَين فَإِذا مددت وحاذيت فَمن الصَّوَاب إِذا وجدت الْمُحَاذَاة الصَّحِيحَة أَن يُرْخِي الْمَدّ يَسِيرا يَسِيرا وتراعي الْمُحَاذَاة كي لَا تميل فَإِذا تهندم عدت وراعيت بِيَدِك حَال مَا تهندم فان وجدت نتوءاً أَو غير ذَلِك أصلحته بِالْيَدِ ثمَّ لَا بُد من رِبَاط يحفظ الْعُضْو على سكونه لَا صلب فيوجع جدا وَلَا لين فَينزل عَن الْحِفْظ وَخير الْأُمُور أوساطها. وَيجب أَن يكون الرِّبَاط على الْموضع الَّذِي إِلَيْهِ الْميل أَشد وَإِن كَانَ الْكسر تَاما فَيجب أَن يسوى شده من كل جِهَة فَإِن كَانَ الْكسر فِي جِهَة أَكثر وَجب أَن يكون الشد هُنَاكَ أَكثر فَإِذا كَانَ مَعَ الْكسر شَيْء من الشظايا وَالْعِظَام الصغار. فَإِن كَانَت مؤلمة موجعة فتعرض لَهَا بالإصلاح وَإِن لم تكن مؤلمة فَلَا تبادئها وَلَا تتعرض وَإِن كَانَ مثلا يسمع خشخشتها فَإِنَّهُ يُرْجَى أَن يجْرِي عَلَيْهَا دشبذ وَإِذا أيس ذَلِك فَحِينَئِذٍ لَا يجب أَن يهمل أمرهَا وَإِذا حدث من الشظايا خرق اللَّحْم فَلَيْسَ من الصَّوَاب أَن تشتغل بتوسيع الْخرق عمل الْجُهَّال وَلَكِن الْوَاجِب أَن يمد العظمان إِلَى الْجَانِبَيْنِ على غَايَة من الاسْتقَامَة لَا عوج فِيهَا فَفِي التعويج حِينَئِذٍ فَسَاد عَظِيم. فَإِذا مدّ فاعمد إِلَى الشظية فردّها وشدّها فَإِن لم ترتد فَلَا توسع الْخرق بل احضر لبداً بِقدر مَا يحْتَاج. إِلَيْهِ وأثقب فِيهِ قدر مَا تدخله الشظية وَركب عَلَيْهِ قِطْعَة جلد لين بِقَدرِهِ وَعَلِيهِ ثقب كثقبه وأنفد الشظية فِيهِ واغمر على الْجلد واللبد

<<  <  ج: ص:  >  >>