للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فضائله سورٌ على المجد حائطٌ ... وبالعلم هذا السور أضحى مشرّفا

كم حملوا عليه وظنوا في طريق حملتهم نصرا، ونصبوا دست الحرب ولم يعلموا بأنه قد طبخ لهم على كل باب قدراً، فلا وأبيك لو نظرته يوم الحرب قد تصاعد فيه أنفاس الرجال لقلت ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد، وإلى المحاصرين وقد جاؤوا راجلاً وفارسا ليشهدوا القتال لقلت وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد، وإلى كواكب الأسنة وقد انتثرت، وإلى قبور الشهداء وهي من تحت أرجل الخيل قد بعثرت، وإلى كرَّ الفوراس وفرِّها لقلت علمت نفس ما قدمت وأخرتن وإلى نار النفط وقد نفطت من غيضها، وإلى ذكور السيوف وقد وضعت لمنايا السعود وتعذرت من شدة الدماء لكثرة حيضها، ومن العجائب أن بيض سيوفهم تلك المنايا السود وهي الذكور وإلى فارس الغبار وقد ركب صهوات الجو ولحق بعنان السماء، وإلى أهداب السهام وقد بكت لما تخضبت بالدماء، وإلى كل هارب سلب عقله وكيف لا وخصمه له، وإلى كل مدفع وما له عند حكم القضاء دافع، وإلى قامات أقلام الخط وقد صار لها في طروس الأجسام مشق، فاستصوبت عند ذلك رأي من قال: عرّج ركابك عن دمشق، ونظرت بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>