ولقد كان أهلها في ظل ممدود وماء مسكوب وفاكهة كثيرة، فعبس بعد ذلك ثغر روضها الباسم، وضاع من غير تورية عطره الباسم، ولم ينتظر لزهره المنثور على ذلك الوشي المرقوم، رسالة من النسيم سحر به، وكيف لا وقد محى سجع المطوق من طروس تلك الأوراق النباتية، هذا وكم عروس روض سوّر معصمها النقش فلما انقطع نهرها صح أنها كسرت السوار، وكم دولاب نهر بطل غناؤه على تشبيب النسيم بالقصب وعطلت نوبته من تلك الأدوار، فوقفت أندب ذلك العيش الذي كان بذلك التشبيب موصولا، وأنشد ولم أجد بعد تلك النوبة المطربة إلى مغنى الربوة دخولا:
لم لا أشبِّبُ بالعيش الذي انقرضت ... أوقاتُهُ وهو بالَّلذات موصولُ
ونقص يزيد فاحترق ولا ينكر ليزيد الحريق على صنعه، وانقطع ظهر ثور فأهلك الحرث والنسل بقطعه، وبردى حمي مزاجه لما شعر بالحريق، ولم يبق في ثغره الأشنب برد حصائبه ما يبلّ الريق، وانقطع وقد اعتلى من غيضه بانياس، ولم يظهر عند قطعه خلاف ولا بان آس، وجرى الدم من شدة الطعن بالقنوات، وكسرت قناة المرجة فذاقت مر العيش بعد حلاوة تلك القطف الدانيات، وكسر الخلخال لما قام الحرب على