مباركة منيعة نضرة بهجة قليل عيبها كثير خيرها قال لم لم تخبروني بنصح قالوا لا يصفها لك إلا الغضبان فبعث إلى الغضبان فأحضره وقال كيف ترى قبتي هذه وبناءها قال أصلح الله الأمير: بنيتها في غير بلدك لا لك ولا لولدك لا تدوم لك ولا يسكنها وارثك ولا تبقى لك وما أنت لها بباق فقال الحجاج قد صدق الغضبان ردوه إلى السجن فلما حملوه قال سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين فقال أنزلوه كرِّرت قال رب أنزلني منزلاً مباركاً وأنت خير المنزلين فقال اضربوا به الأرض فلما ضربوا به الأرض قال منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى فقال جروه فأقبلوا يجرونه وهو يقول بسم الله مجراها ومرساها إن ربي لغفور رحيم فقال الحجاج ويلكم اتركوه فقد غلبني دهاء وخبثا ثم عفا عنه وأنعم عليه وخلِّى سبيله: وقيل بينما كثير عزة مار بالطريق يوما إذا هو بعجوز عمياء على قارعة الطريق تمشي فقال لها تنحَّي عن الطريق فقالت له ويحك ومن تكون قال أنا كثير عزة قالت قبحك الله وهل مثلك يتنحى له عن الطريق قال ولم قالت: ألست القائل:
وما روضةٌ بالحسن طيّبة الثرى ... يمجُّ الندى جنحاتها وعرارها
بأطيب من أردان عزّة موهناً ... إذا أوقدت بالمجمر اللدان نارها
ويحك يا هذا لو تبخر بالمجمر اللدن مثلي ومثل أمك لطاب ريحها لم لا قلت مثل سيدك أمرىء القيس.
وكنت إذا ما جئت بالليل طارقاً ... وجدت بها طيباً وإن لم تطّيب
فقطعته ولم يرد جواباً.
وحكى عبد الله بن المبارك رحمه الله تعالى، قال خرجت حاجاً إلى بيت الله الحرام وزيارة نبيه عليه الصلاة والسلام فبينما أنا في الطريق إذا أنا بسواد على الطريق فتميزت ذاك فإذا هي عجوز عليها درع من صوف وخمار من صوف فقلت السلام عليك ورحمة الله وبركاته فقالت سلام قولا من رب رحيم قال فقلت لها رحمك الله ما تصنعين في هذا المكان قالت ومن يضلل الله فلا هادي له فعلمت أنها ضالة عن الطريق فقلت لها أين تريدين قالت " سبحان الذي اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى " فعامت أنها قد قضت حجها وهي تريد بيت المقدس فقلت لها: أنت منذ كم في هذا الموضع؟ قالت: ثلاث ليال سويا. فقلت ما أرى معك طعاما تأكلين قالت:" هو يطعمني ويسقيني " فقلت: فبأي شيء تتوضئين. قالت: فإن لم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا.