للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال كلا يا أمير المؤمنين إنما أعطيته على قوله:

مازلت يوم الهاشمية معلناً ... بالسيف دون خليفة الرحمن

فمنعت حوزته وكنت وقاءه ... من وقع كلِّ مهندٍ ووسنان

فقال أحسنت والله يا معن وأمر له بالجوائز والخلع.

ووفد ابن أبي محجن على معاوية فقام خطيبا فأحسن فحسده معاوية فقال له أنت الذي أوصاك أبوك بقوله:

إذا متُّ فادفنّي إلى جنب كرمةٍ ... تروّي عظامي بعد موتي عروقها

ولا تدفنَّني في الفلاة فإنّني ... أخافُ إذا ما متُّ أن لا أذوقها

قال بل أنا الذي يقول أبي:

لا تسأل الناس ما مالي وكثرته ... وسائل الناس ما جودي وما خلقي

أعطي الحسام غداة الروع حصّته ... وعاملُ الرمح أرويه من العلق

وأطعن الطعنة النجلاء عن عرضٍ ... وأكتم السّر فيه ضربة العنق

ويعلم الناس أنّي من سراتهم ... إذا سما بصر الرعديد بالفرق

فقال له معاوية أحسنت والله يا ابن أبي محجن وأمر له بصلة وجائزة.

وقيل دخل مجنون الطاق يوما إلى الحمام وكان بغير مئزر فرآه أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه وكان في الحمام فغمض عينيه فقال له المجنون متى أعماك الله فقال منذ هُتك سترك.

ومن ذلك ما يحكى أن الحجاج خرج يوما متنزها فلما فرغ من نزهته انصرف عنه أصحابه وانفرد بنفسه فإذا هو بشيخ من بني عجل فقال له من أين أيها الشيخ قال من هذه القرية قال كيف ترون عمالكم قال شر عمال يظلمون الناس ويستحلون أموالهم قال فكيف قولك في الحجاج قال ذاك ما ولي العراق شر منه قبحه الله وقبح من استعمله قال أتعرف من أنا قال لا قال أنا الحجاج قال جعلت فدائَك أو تعرف من أنا قال لا قال أنا فلان ابن فلان مجنون بني عجل أصرع في كل يوم مرتين قال فضحك الحجاج منه وأمر له بصلة.

وحكى أبو محمد الحسين بن محمد الصالحي قال كنا حول سرير المعتضد بالله ذات يوم نصف النهار فنام بعد أن أكل فانتبه منزعجاً وقال يا خدم فأسرعنا الجواب فقال ويحكم أعينوني بالشط فأول ملاح ترونه منحدراً في سفينة فارغة فاقبضوا عليه وائتوني به ووكلوا بالسفينة من يحفظها فأسرعنا فوجدنا ملاحا في سفينة فجئنا به المعتضد فلما رآه الملاح كاد يتلف فصاح عليه صيحة عظيمة كادت روحه تذهب منها وقال أصدقني يا ملعون عن قضيتك مع المرأة التي قتلتها اليوم وإلا ضربت عنقك فتلعثم وقال نعم كنت سحراً في المشرعة الفلانية فنزلت امرأة لم أر مثلها عليها ثياب فاخرة وحلي كثيرة

<<  <  ج: ص:  >  >>