وجواهر فطمعت فيها واحتلت عليها حتى سددت فمها وغرقتها وأخذت جميع ما كان عليها ثم طرحتها في الماء ولم أجسر على حمل سلبها إلى داري لئلا يفشو الخبر عليَّ فعولت على الهروب والانحدار إلى واسط فصيرت إلى أن خلا الشط في هذه الساعة من الملاحين فأخذت في الانحدار فتعلق بي هؤلاء القوم فحملوني إليك فقال أين الحلي والمسلب قال في صدر السفينة تحت البواري قال المعتضد عليَّ به الساعة فحضروا به فأمر بتغريق الملاح ثم أمر أن ينادى ببغداد من خرجت له امرأة إلى المشرعة الفلانية سحرا وعليها ثياب فاخرة وحلي فليحضر فحضر في اليوم الثاني أهلها واعطوا صفاتها وصفة ما كان عليها فسلم ذلك إليهم قال فقلت يا مولاي من أعلمك أأوحي إليك بهذه الحالة وأمر هذه الصبية فقال بل رأيت في منامي رجلا شيخا أبيض الرأس واللحية والثياب وهو ينادي يا أحمد أول ملاح ينحدر الساعة فاقبض عليه وقرره على المرأة التي قتلها اليوم ظلما وسلبها ثيابها وأقم عليه الحد ولا يفتك فكان ما شهدتم.
وحكي أن بهرام الملك خرج يوما للصيد فأنفرد عن أصحابه فرأى صيداً فتبعه طامعاً في لحاقه حتى بعد عن عسكره فنظر إلى راع تحت شجرة فنزل عن فرسه يبول وقال للراعي احفظ على فرسي حتى أبول فعمد الراعي إلى العنان وكان ملبساً ذهباً كثيراً فاستغفل بهرام وأخرج سكيناً فقطع أطراف اللجان وأخذ الذهب الذي عليه فرفع بهرام نظره إليه فرآه فغض بصره وأطرق برأسه إلى الأرض وأطال حاجته ثم قام بهرام فوضع يده على عينيه وقال للراعي قدم إليَّ فرسي فإنه قد دخل في عيني من سافي الريح فلا أقدر على فتحهما فقدمه إليه فركب وسار إلى أن وصل إلى عسكره فقال لصاحب مراكبه أن أطراف اللجام قد وهبتها فلا تتهمن بها أحداً.
قيل مرض أحمد بن أبي داود فعاده المتصم وقال نذرت أن عافاك الله تعالى أن اتصدق بعشرة آلاف دينار فقال له أحمد يا أمير المؤمنين فاجعلها في أهل الحرمين فقد لقوا من غلاء الأسعار شدة فقال نويت أن أتصدق بها على من ههنا وأطلق لأهل الحرمين مثلها فقال أحمد متع الله الإسلام وأهله بك يا أمير المؤمنين فإنك كام قال النميري لأبيك الرشيد رحمة الله تعالى عليه:
إنّ المكارم والمعروف أوديةٌ ... أحلَّكَ الله منها حيث تجتمعُ
من لم يكن بأمين الله معتصماً ... فليس بالصلوات الخمس ينتفع
ومن محاسن الأخلاق ما حكي عن القاضي يحيى بن أكثم قال كنت نائماً ذات ليلة عند المامون فعطش فامتنع ان يصيح