شيآن لو بكت الدماء عليهما ... عيناي حتى يؤذنا بذهاب
لم يبلغا المعشار من حقَّيهما ... فَقْدُ الشباب وفرقة الأحباب
وقال الأعمش كانت عندي شاة فمرضت وفقدت الصبيان لبنها فكان خيثمة بن عبد الرحمن يعودها بالغداة والعشي ويسألني هي استوفت علفها وكيف صبر الصبيان منذ فقدوا لبنها وكان تحتي لبد أجلس عليه فكان إذا خرج يقول خذ ما تحت اللبد حتى وصل إليَّ من علة الشاة أكثر من ثلثمائة دينار من بره حتى تمنيت أن الشاة لم تبرأ.
وحكى أبو قدامة العشيري قال كنا مع يزيد ابن مزيد يوماً فسمع صائحاً يقول يا يزيد بن مزيد فطلبه إليه فقال ما حملك على هذا الصياح قال فقدت دابتي ونفذت نفقتي وسمعت قول الشاعر:
إذا قيل مَنْ للجود والمجد والندى ... فناد بصوتٍ يا يزيد بن مزيد
فأمر له بفرس أبلق كان معجباً به وبمائة دينار وخلعة سنية فأخذها وانصرف.
ومن الغرائب ما حكي أن قوماً من العرب جاءوا إلى قبر بعض أسخيائهم يزورونه فباتوا عند قبره فرأى رجل منهم صاحب القبر في المنام وهو يقول له هل لك أن تبيعني بعيرك بنجيبي وكان الميت قد خلف نجيباً وكان للرائي بعير سمين فقال نعم وباعه في النوم بعيره بنجيبه فلما وقع بينهما عقد البيع عمد صاحب القبر إلى البعير فنحره في النوم فانتبه الرائي من نومه فوجد الدم يسيح من نحر بعيره فقام وأتم نحره وقطع لحمه وطبخوه وأكلوه ثم رحلوا وساروا فلما كان اليوم الثاني وهم في الطريق سائرون استقبلهم ركب فتقدم منهم شاب فنادى هل فيكم فلان فقال صاحب البعير نعم ها أنا فلان ابن فلان فقال هل بعت من فلان الميت شيئاً قال نعم بعته بعيري بنجيبه في النوم فقال هذا نجيبه فخذه وأنا ولده وقد رأيته في النوم وهو يقول إن كنت ولدي فادفع نجيبي إلى فلان فانظر إلى هذا الرجل الكريم كيف أكرم أضيافه بعد موته.
قيل أن شاعراً قصد خالد بن يزيد فأنشد شعراً يقول فيه: