بإحضاره ثم أخذه الوزير وفتح ختمه وفتحه فإذا في ذكر الوزير وأنثياه مقطوعة مصانة فيه من قبل أن يتسلم الجارية من الملك وأحضر عدولاً من الحكماء وهم الذين كانوا فعلوا به ذلك فشهدوا عند الملك بأن هذا الفعل فعلناه به من قبل أن يتسلم الجارية بليلة واحدة قال فدهش الملك أزدشير وبهت لما أبداه هذا الوزير وإثبات نسب الولد ولحوقه به ثم إن الملك عوفي من مرضه الذي كان به وصح جسمه ولم يزل يتقلب في نعمه وهو مسرور بابنه إلى أن حضرته الوفاة ورجع الملك إلى ابنه شاه بور بعد موت أبيه وصار ذلك الوزير يخدم ابن الملك أزدشير وشاه بور يحفظ مقامه ويرى منزلته حتى توفاه الله تعالى.
قلت ومن بديع ما جاء في المكافأة على الصنيع ما حكي عن الحسن بن سهل قال كنت عند يحيى بن خالد البرمكي وقد خلا في مجلسه لأحكام أمر من أمور الرشيد فبينما نحن جلوس إذ دخل عليه جماعة من أصحاب الحوائج فقضاها لهم ثم توجهوا لشأنهم فكان آخرهم قياما أحمد بن أبي خالد الأحول فنظر يحيى إليه والتفت إلى الفضل ابنه وقال يا بني: إن لأبيك مع أبي هذا الفتى حديثاً فإذا فرغت من شغلي هذا فأذكرني أحدثك به فلما فرغ من شغله قال له ابنه الفضل أعزك الله يا أبي أمرتني أن أذكرك حديث أبي خالد الأحول قال نعم يا بني لما قدم أبوك من العراق أيام المهدي كان فقيراً لا يملك شيئاً فاشتد بي الأمر إلى أن قال لي من في منزلي إنا قد كتمنا حالنا وزاد ضررنا ولنا ثلاثة أيام ما عندنا شيء نقتاته قال: فبكيت يا بني لذلك بكاء شديداً وبقيت ولهان حيران مطرقاً مفكراً ثم تذكرت منديلاً كان عندي فقلت لهم ما حال المنديل فقالوا هو باق عندنا فقلت أدعوه إلي فأخذته ودفعته إلى بعض أصحابي وقلت له بعه بما تيسر فباعه بسبعة عشر درهما فدفعتها إلى أهلي وقلت أنفقوها إلى أن يرزق الله غيرها ثم بكرت من الغد إلى باب أبي خالد وهو يومئذ وزير المهدي فإذا الناس وقوف على داره ينتظرون خروجه فخرج عليهم راكبا فلما رآني سلم علي وقال كيف حالك فقلت يا أبا خالد ما حال رجل يبيع من منزله بالأمس منديلاً بسبعة عشر درهما فنظر إلي نصراً شديداً وما أجابني جواباً فرجعت إلى أهلي كسير القلب وأخبرتهم بما اتفق لي مع أبي خالد