وقد حاول معاصرو الشيخ رحمه الله إجازة ما يفعله العامة من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في قبره لرفع البلاء أو دفعه ومغفرة الذنوب وتكفير السيئات اعتمادا على الأدلة التي وردت في إثبات الشفاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم بإذن ربه في الموحدين وفي الفصل في أهل الموقف.
إلا أن الشيخ رحمه الله بما أعطاه الله من فقه في النصوص الشرعية قد أثبت للرسول صلى الله عليه وسلم ما أثبت الله له من الشفاعة بالشروط التي حددتها النصوص الشرعية , وبقي الشفاعة التي تعتبر من خصائص الألوهية للتفريق بين الخالق والمخلوق، ولرد النصوص بعضها إلى بعض في بيان الحق في هذه المسألة.
ونفى الشفاعة الشركية التي يتعلق بها مجيرو دعاء النبي صلى الله عليه وسلم في قبره وقصد ضريحه فيما لا يقدر عليه إلا الله، ليس فيه تنقيص لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نفي لكرامته وفضله ومقامه الرفيع عند الله بل الفضل والتكريم والاحترام في عدم الإشراك بالله وتحقيق التوحيد وإخلاص العبودية لله وحده ووصف الرسول صلى الله عليه وسلم بالعبودية الخاصة في القرآن الكريم وهو تكريم ورفعة لا وصف ذم وملامة.
وفي شرح هذه القضية جردت أقلام وقامت خصومات بين الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومعاصريه تدل عليها المؤلفات العديدة التي تناولت هذا الموضوع في مواقف متعددة حتى وضح الأمر وانجلت الشبهة وطهر الحق والحمد لله.
١١- التقليد والاجتهاد:
لما قامت دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بما قامت به ودعا الناس إلى تحقيق التوحيد ونبذ الشرك وسمى بعض الأفعال والتصرفات بأسمائها الشرعية وعارضه بعض علماء عصره احتاج كل إلى إقامة الدليل على صحة ما ذهب إليه فيما يقول، وكان الشيخ محمد بن عبد الوهاب يطالب من الكتاب والسنة وأقوال العلماء من كل مذهب. وكان جواب معاصريه في كثير من المواقف رفض الأخذ من الأدلة الشرعية مباشرة لما يشعرون به من قصورهم عن أخذ الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلة