للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأنهم لم يكونوا من أهل الاجتهاد، ولا تتوافر فيهم شروطه المعتبرة وكانوا يعترفون بأنهم مقلدون لعلمائهم في كل مذهب، وأن أخذهم للأحكام ينبغي أن يكون من كتب مذاهبهم بل من المتأخرين منهم لأن ذلك أحوط في الدين وأليق بحالهم، لا سيما أنهم في فترة جمود من الفقهاء وتخلف في الفقه. ولهذا عظم عليهم أن يطالبهم الشيخ بأخذ الأحكام من النصوص الشرعية من أدلتها التفصيلية. واعتبروا أن الشيخ محمد يدعي الاجتهاد المطلق وقالوا إن دعوته مذهب خامس لأنه يستقل في أخذ الأحكام ولهذا شنعوا به عند علماء الأمصار بأنه يدعي الاجتهاد ويرفض التقليد مع اعتقادهم بأن باب الاجتهاد في الفقه قد سد منذ القرن الرابع الهجري، وأن فتح باب الاجتهاد في غياب المجتهدين يعد مخاطرة في الدين وباب من أبواب الزندقة والمروق من الدين.

ولهذا وردت إلى الشيخ رسائل شخصية من علماء العراق واليمن والحرمين الشريفين يسألونه فيها عما نسب إليه في هذه القضية من دعواه الاجتهاد ورفضه للمذاهب الأربعة والأئمة المتبوعين في الفقه. وكانت إجابات الشيخ رحمه الله واضحة صريحة بأنه متبع غير مبتدع وأنه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله وأنه لا ينكر على أهل المذاهب الأربعة إذا لم يخالف المذهب نصا ثابتا من الكتاب أو السنة أو إجماع الأمة أو قول جمهور العلماء١ وبين احترامه لأئمة المذاهب الأربعة وغيرهم من علماء المسلمين.

وهو فيما يدعوا إليه من توحيد الله ونبذ الشرك يقول لمعاصريه الذين قالوا له لا يجوز لنا العمل بكلام الله ولا رسوله ولا بكلام المتقدمين من أهل المذاهب ولا نستطيع إلا الأخذ من المتأخرين في كل مذهب، كان جوابه رحمه الله في كل مرة من باب التنزل "وأنا أخاصم الحنفي بكلام المتأخرين من الحنفية والمالكي والشافعي والحنبلي كل أخاصمه بكتب المتأخرين من علمائهم الذين يعتمدون عليهم فلما أبوا


١ انظر القسم الخامس من مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب الرسائل الشخصية رقم ١٦ص ١٠٧.

<<  <   >  >>