وصفوة شبابها في ساحات القتال لتحقيق هذه الغاية العظيمة عبر سنوات طويلة من الجهاد حتى أظهر الله أمرها ومكن لها في الأرض. فأقامت كيانا سياسيا عظيما يمتد من سواحل البحر الأحمر في الغرب إلى سواحل الخليج في الشرق، ترفرف عليه راية التوحيد، وتتمثل فيه الوحدة السياسية القائمة على الدين الخالص والفكر الموحد والمحبة الصادقة والتطلع إلى مستقبل أفضل في ظل وحدة شاملة للعالم الإسلامي في نهضة الحديثة. وقد تفيأ الناس في ظل هذه الوحدة السياسية وأمنها المستقر ورعايتها المستمرة حياة معاشة في دولة إسلامية منيعة الجانب عزيزة الجناب فكانت هذه الوحدة إحدى ثمار هذه الحركة الإصلاحية.
٢- إحياء روح الجهاد في سبيل الله:
من يتتبع تاريخ الحركة في نجد يظهر له بجلاء أن هذه الحركة هي حركة دينية سياسية علمية جهادية وأنها لم تأخذ عملا بمبدأ الجهاد في سبيل الله إلا في المرحلة الثالثة من مراحل نموها والتي بدأت بانتقالها بالدعوة إلى الدرعية. ويؤيد ذلك شرح إمام الدعوة أهداف دعوته ووسائلها للإمام محمد بن سعود وقبوله بها، ومن ثم تم الاتفاق على البدء بالجهاد. وبنود الاتفاقية التي تمت بين الإمام المصلح محمد بن عبد الوهاب والإمام محمد ين سعود تدل على أن أول بند فيها الأخذ بمبدأ الجهاد في سبيل الله لإقرار التوحيد. وفي ذلك يقول أبن بشر رحمه الله "فدخل عليه – على الإمام محمد بن عبد الوهاب – في بيت ابن سويلم ورحب به وقال: أبشر ببلاد خير من بلادك وأبشر بالعز والنعمة فقال الشيخ: وأنا أبشرك بالعز والتمكين" حتى قال: "ثم أخبره الشيخ بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وما دعا إليه وما عليه أصحابه رضى الله عنهم من بعده وما أمروا به وما نهوا عنه وأن كل بدعة بعدهم ضلال، وما أعزهم الله به بالجهاد في سبيل الله وأغناهم به وجعلهم إخوانا، ثم أخبره بما عليه أهل نجد اليوم من مخالفتهم بالشرك بالله تعالى والبدع والاختلاف والجور والظلم ١
وبنود الاتفاقية التي تمت بين الإمام محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود جاء
١ عنوان المجد في تاريخ نجد ج١ ص١٢ للشيخ عثمان بن بشر.