للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بذلك ورؤساءهم وقضاتهم ومدعى العلم منهم، فمنهم من قبل واتبع الحق، ومنهم من اتخذه سخريا واستهزأوا به ونسبوه إلى الجهل وعدم المعرفة، ومنهم من نسبه إلى السحر، ومنهم من رماه بأشياء وهو بريء منها حاشاه عما يقوله الكاذبون. ولكن يريدون أن يصدوا بها الناس عنه وقد رمى المشركون سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم بأعظم من ذلك.

ثم أمر الشيخ بالجهاد وحضهم عليه فامتثلوا، فأول جيش غزا سبع ركائب فلما ركبوها وأعجلت بهم النجايب في سيرها سقطوا من أكوارها لأنهم لم يعتادوا ركوبها فأغاروا – أظنه على بعض الأعراب- فغنموا ورجعوا سالمين"١

فهذا النص التاريخي الذي ذكر فيه خبر أول غزوة في عهد هذه الدعوة الإصلاحية يدل على أن إمارة الدرعية وغيرها من إمارات نجد في قلة من العدد والعتاد والخبرة فذكره لعدد الركايب في هذه الغزوة وأنها سبع تدل على قلة الإمكانات وضعف الإمارة، وإخباره بسقوط ركابها إذا أسرعت في السير يدل على قلة الخبرة بركوب النجايب وأنهم لم يعتادوا الغزو والغارات التي صارت بعد من أبرز صفاتهم. وظلت هذه الحركة الإصلاحية تمارس هذه الفريضة الإسلامية – الجهاد – طيلة حياتها بادئة بالبوادي ومنتهية بالمعارضين الأذنين وصارت في حروب دائمة ومستمرة مع المعارضة داخل نجد وقدمت في هذا المجال الكثير من التضحيات وأظهرت ألوانا من البطولات الفدة ولم يفت في عضدها كثرة المعارضين في الداخل والخارج وقوة المساندة من الخارج للمعارضين في الداخل بل أصرت على المضي في طريقها لتحقيق النصر حتى النهاية.

وظلت الحرب سجالا في كل الاتجاهات. وما توقع اتفاقية صلح مع جهة إلا ينتقض الأمر عليهم في جهة أخرى. واستمرت الحالة على ذلك في داخل نجد طيلة حياة الإمام محمد بن سعود ولما جاء عهد ابنه عبد العزيز رحمه الله ظهرت فيها آثار جهود من سبقه في تأمين قاعدة الدعوة وخروجها من منطقة العارض إلى بقية أنحاء


١ عنوان المجد في تاريخ نجد للشيخ عثمان بن بشر ج١ ص ١٤.

<<  <   >  >>