فبعد أن تم لهذه الدعوة تحقيق التوحيد وتجلية مفاهيم الإسلام أخذت تمارس تطبيق مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في داخل المجتمع فوقف الناس من هذه الدعوة أحد موقفين: موقف المؤيدين لها وموقف المعارضين، وصار على كل فرد في المجتمع أن يحدد موقفه من هذا الصراع بعمل وجداني صرف يتمثل في الحب أو البغض لهذه الدعوة وأهلها أو للمعارضين لها، والحب والبغض هو من لوازم شهادة أن لا إله إلا الله. ويتولد من الحب والبغض أقوال وأفعال وممارسات موالية أو معادية لهذا أو ذاك. وذلك هو ما يعرف في الشريعة بالولاء والبراء، الولاء لأولياء الله من دعاة الخير، والبراء من أعداء الله الصادين عن سبيله.
والولاء في صورته الكاملة يتمثل في المحبة وإعلانها للناس والنصرة والتأييد في الأمر والنهي والجهاد والمجالسة والمؤانسة والاختلاط والاعتزاز.
والبراء يكون بالبعض لأعداء الله في داخل النفس وإعلانه ذلك في الناس والمظاهرة عليهم باليد واللسان والمال والمجاهدة ومقاطعتهم في المجالس ومقت ما هم عليه.
وبذلك ينقسم الناس إلى معسكرين متمايزين عرفا في شرع الله وفي آيات قرآنية بحزب الله وحزب الشيطان أو أولياء الله وأولياء الشيطان والحرب بينهما معلنة حتى يظهر الله الحق ويخذل الباطل. والآيات القرآنية والأحاديث النبوية كثيرة في تقرير صحة هذا المبدأ وأن الأخذ به وسيلة ناجحة لتحقيق الحق وإبطال الباطل.
وقد أخذت الدعوة الإصلاحية في نجد بهذا المبدأ في مجال التعليم المباشر في برنامجها العام وفي الرسائل التي يبعث بها إمام هذه الدعوة ويمارسونها عملا يوميا مع الخصوم بلا مداهنة ولا مواربة بل لتحقيق لا زم من لوازم التوحيد هو الولاء والبراء في صورتها العملية. وقد قرر إمام الدعوة في كتابه ثلاثة الأصول هذا المبدأ بقوله "اعلم رحمك الله أنه يجب على كل مسلم ومسلمة تعلم ثلاث مسائل والعمل بهن" ثم ذكر المسألة الثالثة بقوله: الثالثة أن من أطاع الرسول ووحد الله لا يجوز له موالاة من حاد الله ورسوله ولو كان أقرب قريب والدليل قوله تعالى: {لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ