الإصلاحية في مدها المتسارع ونظرتها الشمولية حتى يحقق لها من النصر بقدر ما قدم لها أتباعها من الصدق والإخلاص والبدل.
١- تحرير العقل من الجهل والخرافة والبدع:
سبق أن تحدثنا عن الحالة السياسية والدينية في العالم الإسلامي قبل قيام الحركة الإصلاحية في نجد على يد الإمام محمد بن عبد الوهاب والإمام محمد بن سعود، وذكرنا أن العنصر الأعجمي قد بدأ في الظهور في المراكز القيادية في الخلافة الإسلامية منذ العهد العباسي بدءا من أبي مسلم الخراساني الذي كان له دور مهم في قيام الدولة العباسية ثم تتابع الأعاجم في المراكز القيادية في شكل وزراء وكتاب وحجاب وندماء وأصهار وأخوال للخلفاء وظل مدهم في ازدياد سواء كانوا من الفرس أو الترك أو غيرهم من العناصر الأعجمية. ثم خطوا خطوة أكبر فقد آل الأمر في الخلافة الإسلامية العباسية في عصورها المتأخرة إلى أن للحاكم العباسي اسم الخلافة ولغيره من الأعاجم تصريف أمورها ورسم سياستها وإدارة شئونها. وكان معظم الجند من الأتراك كما وصف ذلك الشاعر علي بن الجهم بقوله:
امامي من له سبعون ألفا ... من الأتراك مشرعة السهام
وكان ذلك في عهد المتوكل العباسي في الصدر الأول من الدولة العباسية ثم تجاوز الأمر وجود الأعاجم في المراكز القيادية وتكاثرهم في الوظائف العامة إلى أن آلت إليهم أمور البلاد الإسلامية في صورة دولة كالسلاجقة وغيرهم وأخيرا الخلافة العثمانية التي امتدت حياتها عدة قرون. فإن العنصر الأعجمي مع أننا لا نتهمهم في صدق إخلاصهم لهذا الدين ولا في إرادتهم للخير. إلا أن هذا الدين نزل بلسان عربي مبين يصعب على الأعاجم أخذه أخذا مباشرا من نصوصه كما يفهمه العرب الذين نزل بلسانهم إلى جانب تأثر الأعاجم بثقافات انحدرت إليهم مع أصولهم التاريخية والفكرية والعقيدية. وحتى العرب فإن لسانهم العربي قد خالطته العجمة وفشا اللحن فيهم وأصبحت اللغة العربية الفصيحة لغة الخاصة ومستودع العلم ولم تعد عامة العرب تفهم دلالات النصوص الشرعية كما كان يفهمها آباؤهم.