به الإمام فيصل لم يشأ منازلته في الرياض، بل تنحى بجيشه إلى مكان يقال له "الدلم" في أنحاء الخرج، فتبعه هنالك الجيش المصري، وحصلت بينهما معركة لم يستطع معها الجيش المصري دحر قوة خصمه، لكنه ظل مرابطاً حوله والمناوشات دائرة بينهما عدة أيام حتى سئم الفريقان الحرب.
فما كان من الإمام فيصل إلا أن يعرض على القائد المصري استعداده للتسليم إليه على شرط إعطائه الأمان لكل من كان يحارب معه، فقبل القائد المصري ذلك، وبادر الإمام فيصل بتسليم نفسه إليه في اليوم الثالث والعشرين من شهر رمضان سنة ١٢٥٥هـ- (١٨٣٨م) ، فبعث به إلى مصر مع أخيه جلوي بن تركي وابنى أخيه عبد الله ومحمد، وأجلس خالدا على كرسي الحكم، وسلمه مقاليد الإمارة في نجد ليوجه الشعب إلى غير الاتجاه الذي كان عليه، ويسير به على النظم والتعاليم العصرية المتبعة في مصر، فقام خالد بما عهد إليه به، فنفر منه الناس، وأنكروا عليه أعماله، وقامت الثورات ضده، حتى توحدت القرى النجدية بزعامة عبد الله بن ثنيان بن إبراهيم بن ثنيان بن سعود١، تريد التحرر من حكم الأتراك والمصريين، وتبغي المحافظة على الدين الإسلامي الصحيح على طريقة الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وقررت خلع الأمير المذكور، فما وسعه إلا أن ينجو بنفسه، ففر إلى الإحساء فالقطيف ثم الكويت، ومنها إلى الحجاز حيث مات بها في عام ١٢٥٧هـ (١٨٦١م) ، وخلا الجو لعبد الله بن ثنيان فاستبد بالحكم وعمل على وضع الضرائب الباهظة على الشعب ليستعين بذلك
١ عبد الله بن ثنيان، هو من فرع ثالث من العائلة السعودية، ويعتبر الإمام التاسع، وقد دام حكمه سنتين (١٨٤٣م) .