عبد العزيز الروح الدينية، ويغرس في قلبه حب التضحية والجهاد في سبيل إعلاء كلمة الله عز وجل، ويذكره بالعهد الذي تم بين جده محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبد الوهاب من العمل على نشر الإسلام الصحيح وجذب الناس إلى توحيد الله عز وجل، ويقيم له الأدلة والبراهين على ثمرة التمسك بكتاب الله وسنة رسوله، وما يجنيه المرء من وراء ذلك من سعادة الدنيا والآخرة، حتى اشتعلت في قلب الفتى عبد العزيز نار الغيرة على دين الله عز وجل، وعاهد ربه على العمل لما يقربه إليه ويرفع من شأن دينه الحق، وهكذا يتضح لنا أن دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تسير جنباً إلى جنب مع مراحل الدولة السعودية، وكان عبد العزيز بن عبد الرحمن الذي لم يشهد من تاريخ أسرته التي امتد سلطانها على الجزيرة العربية المسلمة إلا أطلالاً من الذكريات ينطوي عليها قلبه المفئود وهو يربض إلى جوار أبيه في منفاه بأرض الكويت.
وظلت ذكريات المجد الذاهب تلهب عاطفته وهو في منفاه حتى إذا استوى عوده فصار شاباً جلداً كانت فكرة الثأر قد استولت على جميع مشاعره، وأقسم ليستردن ملك آبائه وأجداده، وليعودن بأبيه وأهله إلى عاصمة ملكهم مظفراً منصوراً بعون الله عز وجل.
وأطلع أباه الشيخ على ما نوى من أمره فحذره العاقبة، وأشفق عليه من المصير ... ولكنه أصر على رأيه ولسان حاله يقول:
لأستسلهن الصعب أو أبلغ المنى ... فما انقادت الآمال إلا لصابر
وألح على على أبيه في أن يأذن له فأذن ... وانطلق تحت جنح الظلام في أربعين