(٢) ذهب أكثر فقهاء المذهب ومحققو الصوفية إلى عدم إباحة هذا الورد، ولهم في ذلك مقالات وفتاوى، نقتصر هنا على ما كتبه فخر المتأخرين العلامة الشيخ عبد الحي بن عبد الحليم اللكنوي (متوفى ١٣٠٤ هـ) صاحب التصانيف الكثيرة الشهيرة، جوابا على استفتاء ورده عن هذا الورد، يقول رحمه اللَّه: «إن الاحتراز عن مثل هذا الورد لازم، أولا لأن هذا الورد متضمن كلمة» شيئا لله وقد حكم بعض الفقهاء بكفر من قاله، وثانيا: لأن هذا الورد يتضمن نداء الأموات من أمكنة بعيدة، لم يثبت شرعا أن الأولياء لهم قدرة على سماع النداء من أمكنة بعيدة، إنما ثبت سماع الأموات لتحية من يزور قبورهم، ومن اعتقد أن غير اللَّه سبحانه وتعالى حاضر وناظر، وعالم للخفي والجلي في كل وقت وفي كل آن، فقد أشرك، والشيخ عبد القادر وإن كانت مناقبه وفضائله قد جاوزت العد والإحصاء، إلا أنه لم يثبت أنه كان قادرا على سماع الاستغاثة والنداء من أمكنة بعيدة، وعلى إغاثة هؤلاء المستغيثين، واعتقاد أنه رحمه اللَّه كان يعلم أحوال مريديه في كل وقت، ويسمع نداءهم، من عقائد الشرك، والله أعلم، انتهى مختصرا. (مجموع فتاوى العلامة عبد الحي اللكنوي ج ١، ص ٢٦٤) وليت شعري ما ألجأ الناس إلى ذلك، والله أقرب من كل قريب، وأرحم من كل رحيم، وهو القائل: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ. والقائل: أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ. وقد جاء في وصية الإمام الشيخ عبد القادر الكيلاني نفسه، لابنه الشيخ عبد الوهاب «وكل الحوائج كلها إلى اللَّه عز وجل واطلبها منه، ولا تثق بأحد سوى اللَّه عز وجل، ولا تعتمد إلا عليه سبحانه، التوحيد، التوحيد، التوحيد. (مجالس الفتح الرباني، ص ٦٦٥) . وخطبه في فتوح الغيب وفي الفتح الرباني، مليئة بهذه الوصايا والزجر والتوبيخ على الاستعانة بغير اللَّه كما مر بعض النقول.