للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المطففين: ٢٨] أيها المغرور إنها خلاف مجلسك ومستشرفك وفرشك إنها أرائك مفروشة بفرش مرفوعة: {بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} الرحمن: ٥٢] {عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ} [الرحمن: ٧٦] يشرف ولي الله منها على عينين تجريان في جنتين {فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ} [الرحمن: ٥٢] {لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ} [الواقعة: ٣٣] {فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة: ٢١] {فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ} [الغاشية: ٢٢] إلى قوله: {وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ} [الغاشية: ١٦] {فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ} [المرسلات: ٤١] {أُكُلُهَا دَائِمٌ وَظِلُّهَا تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَعُقْبَى الْكَافِرِينَ النَّارُ} [الرعد: ٣٥] {لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ} [الزخرف: ٧٥] {فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ * يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ} [القمر: ٤٧ - ٤٨] {يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ} [المعارج: ١١] إلى قوله: {وَجَمَعَ فَأَوْعَى} [المعارج: ١٨] في جهد جهيد وعذاب شديد ومقت من رب العالمين {وَمَا هُمْ مِنْهَا بِمُخْرَجِينَ} الحجر: ٢٨] .

فقام الهاشمي من مجلسه وعانق الشاب وبكى وصاح بندمائه: انصرفوا عني وخرج إلى صحن داره وقعد على حصير مع الشاب ينوح ويبكي على شبابه ويندب نفسه والشاب يعظه إلى أن أصبح وقد عاهد الله أن لا يعود إلى معصية أبدا.

فلما أصبح أظهر توبته ولزم المسجد والعبادة وأمر بالذهب والفضة والجواهر والملابس فبيعت كلها وتصدق بها وقطع الإجراء عن نفسه ورد الضياع المقطعة وباع ضياعه وعبيده وجواريه وأعتق من اختار العتق وتصدق به كله ولبس الصوف الخشن وأكل الشعير وكان يحيى الليل ويصوم النهار.

حتى كان ينتابه الصالحون والأخيار ويقولون له: ارفق بنفسك فإن المولى كريم يشكر اليسير ويثيب على الكثير فيقول: يا قوم! أنا أعرف بنفسي إن جرمي عظيم عصيت مولاي بالليل والنهار ويبكي ويكثر البكاء.

ثم خرج حاجا على قدميه حافيا ما عليه إلا خيشة وما معه إلا ركوة وجراب حتى قدم مكة وقضى حجه وأقام بها.

وكان يدخل الحجر بالليل ينوح على نفسه ويقول: سيدي! لم أراقبك في خلواتي سيدي! ذهبت شهواتي وبقيت تبعاتي فالويل لي يوم ألقاك والويل كل الويل من صحيفتي إذا نشرت مملوءة من فضائحي وخطاياي بل حل بي الويل من مقتك إياي وتوبيخك لي في إحسانك إلي ومقابلة نعمتك بالمعاصي؛

<<  <   >  >>