عثرة في وجه نشر الدعوة الإسلامية، وإخضاع تلك القوى لسلطان المسلمين، إما بالدخول في الإسلام، أو إعطاء الجزية عن يد وهم صاغرون، تطبيقاً لقوله تعالى:{قَاتِلُوا الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالله وَلاَ بِاليَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يَحَرِّمُونَ مَا حَرَّم اللهُ وَرَسُولُه وَلاَ يَدِيْنُونَ دِينَ الحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ حَتَى يُعْطُوا الجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُون} . [سورة التوبة، الآية: ١٢٣] .
وفي ذلك أكبر دليل على أن العملية الجهادية والعملية الدعوية كانتا تسيران جنباً إلى جنب، وأنهما عمليتان مدروستان بدقة ونظام، وليستا أموراً عشوائية أملتها ظروف وقتية طارئة، كما يدعي بعض المستشرقين، ولم تكن أيضاً دفاعية، كما يذكر بعض الكتاب المسلمين، وإنما غايتها وهدفها الأسمى هو إعلاء كلمة الله عز وجل في تلك البقعة المباركة من العالم.
٣- لقد كانت الوصايا النبوية لقادة السرايا والبعوث من أعظم وصايا الحرب على مرّ التاريخ، بل إنها تمثّل قانون للحرب العادلة، التي لم يشهد التاريخ لها مثيلاً، وذلك إنها توضح بجلاء نوع الحرب في الإسلام والتي هي حرب فروسية بمعنى الكلمة، وردّ بليغ على المغرضين من أعداء الأمة الذين يروجون الأكاذيب ويلقون الشبه حول الحرب، والجهاد في الإسلام، في محاولة منهم لتشويه هذه الحقائق الناصعة لهذه الحرب العظيمة.