للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَسْأَلَةُ الثَّامِنَةَ عَشْرَةَ:

الْأَصْلُ فِي الْعِبَادَاتِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى المكلَّف التَّعَبُّدُ دُونَ الِالْتِفَاتِ إِلَى الْمَعَانِي، وَأَصْلُ الْعَادَاتِ الِالْتِفَاتُ إِلَى الْمَعَانِي١.

أَمَّا الْأَوَّلُ، فَيَدُلُّ عَلَيْهِ أُمُورٌ:

مِنْهَا الِاسْتِقْرَاءُ؛ فَإِنَّا وَجَدْنَا الطَّهَارَةَ تَتَعَدَّى مَحَلَّ مُوجِبِهَا٢، وَكَذَلِكَ الصَّلَوَاتُ خُصَّتْ بِأَفْعَالٍ مَخْصُوصَةٍ عَلَى هَيْئَاتٍ مَخْصُوصَةٍ، إِنْ خَرَجَتْ عَنْهَا لَمْ تَكُنْ عِبَادَاتٍ، وَوَجَدْنَا الموجِبَات فِيهَا تَتَّحِدُ مَعَ اخْتِلَافِ الموجَبَات٣، وَأَنَّ الذِّكْرَ الْمَخْصُوصَ٤ فِي هَيْئَةٍ مَا مَطْلُوبٌ، وَفِي هَيْئَةٍ أُخْرَى غير مطلوب، وأن


١ انظر في تقرير هذه القاعدة: "مجموع فتاوى ابن تيمية" "٢٨/ ٣٨٥ وما بعدها".
وإعلام الموقعين" "١/ ٢٩٩-٣٠١"، والاعتصام للمصنف "٢/ ١٣٢-١٣٣"- ونقله عن مالك- والقواعد" لشيخ المصنف المقري "قاعدة" رقم ٧٣، ٧٤، ٢٩٦"، ونقله عن الشافعي، ونقل عن أبي حنيفة "الأصل التعليل حتى يتعذر"، وقال: "والحق أن ما لا يعقل معناه تلزم صورته وصفته" و"البرهان" "٢/ ٩٢٦" للجويني، و"تخريج الفروع على الأصول" "ص٣٨-٤٠" للزنجاني، و"مذكرة في أصول الفقه" "ص٣٤".
وقرر المصنف فيما مضى "١/ ٣٣٤" أن العبادات وضعت لمصالح العباد في الدنيا أو في الآخرة على الجملة وإن لم يعلم ذلك على التفصيل.
٢ هذا في الطهارة الحديثة بخلاف الثوب والبدن والمكان من الأخباث؛ فأنها لا تتعدى، بل تقف عند حد من أصيب بالنجاسة. "د".
٣ فالحيض والنفاس يسقطان الصلاة، ولا يسقطان الصوم ولا سائر العبادات المفروضة من أركان الإسلام. "د".
٤ هذا كثير؛ فالقنوت -وهو ذكر ودعاء- يطلب في بعض الصلوات دون بعض، والدعاء يطلب في السجود لا في الركوع، والنوافل تطلب في أوقات وتمنع فيما بعد صلاة الصبح إلى أن تشرق الشمس مثلا، وهكذا من أوقات النهي، وكل هذا لا يعرف إلا بموقف من قبل الوحي، وليس للعقل فيه مجال الخروج عما حد. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>