للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ:

وَأَمَّا أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْعَادَاتِ الِالْتِفَاتُ إِلَى الْمَعَانِي، فَلِأُمُورٍ:

أَوَّلُهَا:

الِاسْتِقْرَاءُ، فَإِنَّا وَجَدْنَا الشَّارِعَ قَاصِدًا لِمَصَالِحِ الْعِبَادِ، وَالْأَحْكَامُ الْعَادِيَّةُ١ تَدُورُ [مَعَهُ] ٢ حَيْثُمَا دَارَ، فَتَرَى الشَّيْءَ الْوَاحِدَ يُمْنَعُ فِي حَالٍ لَا تَكُونُ فِيهِ مَصْلَحَةٌ، فَإِذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ جَازَ، كَالدِّرْهَمِ بِالدِّرْهَمِ إِلَى أَجَلٍ، يَمْتَنِعُ فِي الْمُبَايَعَةِ٣، وَيَجُوزُ فِي الْقَرْضِ، وَبَيْعِ الرَّطْبِ بِالْيَابِسِ، يَمْتَنِعُ حَيْثُ يَكُونُ مُجَرَّدَ غَرَرٍ وَرِبَا مِنْ غَيْرِ مَصْلَحَةٍ، وَيَجُوزُ إِذَا كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ رَاجِحَةٌ٤، وَلَمْ نَجِدْ هَذَا فِي بَابِ الْعِبَادَاتِ مَفْهُومًا كَمَا فَهِمْنَاهُ فِي الْعَادَاتِ، وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ} [الْبَقَرَةِ: ١٧٩] .

وَقَالَ: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [الْبَقَرَةِ: ١٨٨] .

وَفِي الْحَدِيثِ: "لَا يَقْضِي الْقَاضِي وَهُوَ غَضْبَانٌ" ٥.

وَقَالَ: "لَا ضَرَرَ ولا ضرار" ٦.


١ أي: الأحكام المتعلقة بالعادات نظير الأحكام العبادية.
٢ ما بين المعقوفتين سقط من الأصل.
٣ لما فيها من المشاحة والمغالبة، وقصد الاستفادة المالية بخلاف القرض الذي هو لوجه الله خاصة، ففيه تزكية نفس المقرض كالصدقة، وفيه تنفيس كُرَب الناس، ويقع* الحرج إذا منع القرض أيضا. "د".
قلت: ويمكن التمثيل على ما ذكره المصنف سابقا بالتسعير.
٤ كما في ثمر العرايا توسعة على الخلق، ولرفع الحرج والضرر على المعري، إذا تردد المعرى داخل بستانه ونخله، فكان منع ذلك مؤديا إلى ألا يعري أحد أحدا نخله. "د".
٥ مضى تخريجه "ص٢٣١".
٦ مضى تخريجه "ص٧٢".

<<  <  ج: ص:  >  >>