للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّهِ" أَنَّهُ مَا فُهِمَ مِنَ الشَّرْعِ أَنَّهُ لَا خِيَرَةَ فِيهِ لِلْمُكَلَّفِ، كَانَ لَهُ مَعْنًى مَعْقُولٌ أَوْ غَيْرُ مَعْقُولٍ، "وَحَقُّ الْعَبْدِ" مَا كَانَ رَاجِعًا إِلَى مَصَالِحِهِ فِي الدُّنْيَا، فَإِنْ كَانَ مِنَ الْمَصَالِحِ الْأُخْرَوِيَّةِ، فَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ، وَمَعْنَى "التَّعَبُّدِ" عِنْدَهُمْ أَنَّهُ مَا لَا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ١ عَلَى الْخُصُوصِ، وَأَصْلُ الْعِبَادَاتِ رَاجِعَةٌ إِلَى حَقِّ اللَّهِ، وَأَصْلُ الْعَادَاتِ رَاجِعَةٌ إِلَى حُقُوقِ الْعِبَادِ.

فَصْلٌ:

وَالْأَفْعَالُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى حَقِّ اللَّهِ أَوْ حَقِّ الْآدَمِيِّ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ٢:

أَحَدُهَا:

مَا هُوَ حُقٌّ لِلَّهِ خَالِصًا كَالْعِبَادَاتِ، وَأَصْلُهُ التَّعَبُّدُ كَمَا تَقَدَّمَ، فَإِذَا طَابَقَ الْفِعْلُ الْأَمْرَ، صَحَّ؛ وَإِلَّا؛ فَلَا.

وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ التَّعَبُّدَ رَاجِعٌ إِلَى عَدَمِ مَعْقُولِيَّةِ الْمَعْنَى، وَبِحَيْثُ لَا يَصِحُّ فِيهِ إِجْرَاءُ الْقِيَاسِ، وَإِذَا لَمْ يُعْقَلُ مَعْنَاهُ دَلَّ عَلَى أَنَّ قَصْدَ الشَّارِعِ فِيهِ الْوُقُوفُ عِنْدَ مَا حَدَّهُ لَا يَتَعَدَّى، فَإِذَا وَقَعَ٣ طَابَقَ قَصْدَ الشَّارِعِ وَإِنْ لَا؛ خَالَفَ٤، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ مُخَالَفَةَ قَصْدِ الشَّارِعِ مُبْطِلٌ لِلْعَمَلِ، فعدم مطابقة الأمر مبطل للعمل.


١ أي: ما لا تعقل فيه الحكمة والمصلحة الخاصة التي يصح أن تكون أساسا للقياس، أما العلل العامة، فهي موجودة حتى في التعدي، كما سبقت الإشارة إليه. "د".
٢ انظر: "الفروق" "٢/ ١٤٠-١٤١"، و"المجموع" "٦/ ١٥٤"، و"المغني" "٦/ ٦٣".
٣ أي: الوقوف المذكور. "د".
٤ في الأصل: "أو خالف"، وفي "د": "أو لا خالف".

<<  <  ج: ص:  >  >>