للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَيْضًا؛ فَلَوْ فَرَضْنَا أَنَّ عَدَمَ مَعْقُولِيَّةِ الْمَعْنَى لَيْسَ بِدَلِيلٍ عَلَى أَنَّ قَصْدَ الشَّارِعِ الْوُقُوفُ عند ما حده الشارع، فيكفي في ذلك عدم تحقيق الْبَرَاءَةِ مِنْهُ [وَإِنْ لَمْ تَحْصُلْ الْبَرَاءَةُ] ١ وَعَدَمُ تَحَقُّقِ الْبَرَاءَةِ [مِنْهُ إِنْ لَمْ تَحْصُلْ الْمُطَابَقَةُ، وَعَدَمُ تَحْقِيقِ الْبَرَاءَةِ] ١ مُوجِبٌ لِطَلَبِ الْخُرُوجِ عَنِ الْعُهْدَةِ بِفِعْلٍ مُطَابِقٍ، لَا بِفِعْلٍ غَيْرِ مُطَابِقٍ.

وَالنَّهْيُ فِي هَذَا الْقِسْمِ أَيْضًا نَظِيرُ الْأَمْرِ، فَإِنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي عَدَمَ صِحَّةِ الْفِعْلِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ؛ إِمَّا بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي الْفَسَادَ بِإِطْلَاقٍ، وَإِمَّا لِأَنَّ النَّهْيَ يَقْتَضِي أَنَّ الْفِعْلَ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِقَصْدِ الشَّارِعِ، إِمَّا بِأَصْلِهِ، كَزِيَادَةِ صَلَاةٍ سَادِسَةٍ، أَوْ تَرْكِ الصَّلَاةِ، وَإِمَّا بِوَصْفِهِ، كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، وَالصَّلَاةِ فِي الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ؛ إِذْ لَوْ كَانَ مَقْصُودًا لَمْ ينهَ عَنْهُ، وَلَأُمِرَ بِهِ أو أذن فيه، فإن الإذن هو المعرِّف٢ أَوَّلًا بِقَصْدِ الشَّارِعِ فَلَا تَتَعَدَّاهُ.

فَعَلَى هَذَا إِذَا رَأَيْتَ مَنْ يُصَحِّحُ الْمَنْهِيَّ عَنْهُ بَعْدَ الْوُقُوعِ، أَوِ الْمَأْمُورَ بِهِ مِنْ غَيْرِ الْمُطَابِقِ؛ فَذَلِكَ إِمَّا لِعَدَمِ صِحَّةِ الْأَمْرِ أَوْ النَّهْيِ عِنْدَهُ، وَإِمَّا أَنَّهُ لَيْسَ بِأَمْرٍ حَتْمٍ وَلَا نَهْيٍ حَتْمٍ، وَإِمَّا لِرُجُوعِ جِهَةِ الْمُخَالَفَةِ إِلَى وَصْفٍ مُنْفَكٍّ، كَالصَّلَاةِ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الِانْفِكَاكِ، وَإِمَّا لِعَدِّ النَّازِلَةِ من باب المفهوم [و] ٣ المعنى الْمُعَلَّلِ بِالْمَصَالِحِ، فَيَجْرِي عَلَى حُكْمِهِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ هَذَا قَلِيلٌ، وَأَنَّ التَّعَبُّدَ هُوَ الْعُمْدَةُ.

وَالثَّانِي:

مَا هُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى حَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ الْعَبْدِ، وَالْمُغَلَّبُ فِيهِ حَقُّ اللَّهِ، وَحُكْمُهُ رَاجِعٌ إِلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْعَبْدِ إِذَا صَارَ مطَّرَحًا شَرْعًا، فَهُوَ كَغَيْرِ الْمُعْتَبَرِ؛ إِذْ لَوِ اعْتُبِرَ لَكَانَ هُوَ الْمُعْتَبَرَ، وَالْفَرْضُ خِلَافُهُ كقتل النفس؛ إذ ليس


١ ما بين المعقوفات زيادة من الأصل و"ط"، وسقط من النسخ المطبوعة كلها.
٢ في "د": "المعروف".
٣ ما بين المعقوفتين سقط من الأصل، و"ط".

<<  <  ج: ص:  >  >>