للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلْعَبْدِ خِيَرَةٌ فِي إِسْلَامِ نَفْسِهِ لِلْقَتْلِ لِغَيْرِ ضَرُورَةٍ شَرْعِيَّةٍ كَالْفِتَنِ وَنَحْوِهَا، فَإِذَا رَأَيْتَ مَنْ يُصَحِّحُ الْمَنْهِيَّ أَوِ الْمَأْمُورَ غَيْرَ الْمُطَابِقِ بَعْدَ الْوُقُوعِ؛ فَذَلِكَ لِلْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ١، وَلِأَمْرٍ رَابِعٍ وَهُوَ الشَّهَادَةُ بِأَنَّ حَقَّ الْعَبْدِ فِيهِ هُوَ الْمُغَلَّبُ.

وَالثَّالِثُ:

مَا اشْتَرَكَ فِيهِ الْحَقَّانِ وَحَقُّ الْعَبْدِ هُوَ الْمُغَلَّبُ، وَأَصْلُهُ مَعْقُولِيَّةُ الْمَعْنَى، فَإِذَا طَابَقَ مُقْتَضَى الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فَلَا إِشْكَالَ فِي الصِّحَّةِ؛ لِحُصُولِ مَصْلَحَةِ الْعَبْدِ بِذَلِكَ عَاجِلًا أَوْ آجِلًا حَسْبَمَا يَتَهَيَّأُ لَهُ، وَإِنْ وَقَعَتِ الْمُخَالَفَةُ فَهُنَا نَظَرٌ؛ أَصْلُهُ الْمُحَافَظَةُ عَلَى تَحْصِيلِ مَصْلَحَةِ الْعَبْدِ؛ فَإِمَّا أَنْ يَحْصُلَ مَعَ ذَلِكَ حَقُّ الْعَبْدِ وَلَوْ بَعْدَ الْوُقُوعِ عَلَى حَدِّ مَا كَانَ يَحْصُلُ عِنْدَ الْمُطَابَقَةِ أَوْ أَبْلَغَ، أَوْ لَا؛ فَإِنْ فَرَضَ غَيْرَ حَاصِلٍ؛ فَالْعَمَلُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ مَقْصُودَ الشَّارِعِ لَمْ يَحْصُلْ، وَإِنْ حَصَلَ -وَلَا يَكُونُ٢ حُصُولُهُ إِلَّا مُسَبِّبًا عَنْ سَبَبٍ آخَرَ غَيْرِ السَّبَبِ الْمُخَالِفِ- صَحَّ وَارْتَفَعَ مُقْتَضَى النَّهْيِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى حَقِّ الْعَبْدِ٣ وَلِذَلِكَ يُصَحِّحُ مَالِكٌ بَيْعَ الْمُدَبَّرِ إِذَا أَعْتَقَهُ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ النَّهْيَ لِأَجْلِ فَوْتِ الْعِتْقِ، فَإِذَا حَصَلَ٤، فَلَا مَعْنَى لِلْفَسْخِ عِنْدَهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى حَقِّ الْمَمْلُوكِ، وَكَذَلِكَ يَصِحُّ الْعَقْدُ فِيمَا تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ


١ انظر لِمَ لَمْ يعتبر الوجه الرابع السابق هنا؛ وهو عد النازلة من باب المعلل، فيجري على حكمه، مع أنه في هذا أقرب من سابقه؛ لأن سابقه كان في التعبد المحض الذي يبعد فيه الحمل على هذا الوجه، بخلاف هذا النوع الثاني الذي فيه الحقان؛ فإنه حمله على المعلل أقرب من سابقه، إلا أن يقال: إنه أهدر الرابع رأسا حيث قال: "وَقَدْ مَرَّ أَنَّ هَذَا قَلِيلٌ وَأَنَّ التَّعَبُّدَ هو العمدة" "فلذلك لم يلتفت إليه هنا. "د".
٢ لأنه لا يتأتى أن ينهى الشارع عن فعلٍ؛ محافظةً على مصلحة العبد، ثم يكون هذا الفعل المنهي عنه بنفسه محصلا لهذه المصلحة. "د".
٣ أي: وأما بالنسبة إلى حق الله وهو الإقدام على المخالفة؛ فلم يرتفع مقتضاه من الإثم، سواء من جهة البائع أو جهة المشتري، وفضل العتق شيء آخر. "د".
٤ أي: وقد حصل على وجه أبلغ؛ لأنه نجز عتقه، بخلاف المدبر؛ فإن عتقه مؤجل وقد لا يتم. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>