ويستفاد من كلام المصنف في هذه المسألة والتي تليها التوسع في تطبيق مبدأ الذرائع، وهو مبدأ يتجه اتجاهين: الأول اتجاه إلى الباحث على التصرف، والثاني اتجاه إلى مآل التصرف. ومن الجدير بالذكر أن اعتبار القصد والباعث في العبادات والعادات أمر مجمع عليه ديانة؛ غير أن الخلاف بين الشافعية والحنفية من جهة، والحنابلة والمالكية من جهة أخرى في الطريقة التي يستدل بها على هذا؛ فذهب الأولون إلى أنه لا عبرة به إلا إذا دل دليل مادي ظاهر من العبارة تدرج في صيغة العقد، وأضاف الحنفية إلى ذلك أنه يعتبر أيضا إذا أمكن استخلاصه من طبيعة محل العقد، وتعينه طريقا إلى تحقيق مصلحة غير مشروعة، أما الآخرون؛ فيكتفون بكل ما يدل عليه من ظروف وقرائن. انظر: "الأم" "٣/ ٦٥ و٦/ ١٩٨"، و"اقتضاء الصراط المستقيم" "ص٢٣٦ - ط الإفتاء" و"إعلام الموقعين" "٣/ ٩٢"، و"المغني" "٩/ ٣٣١"، و"تبيين الحقائق" "٤/ ١٩٠"، و"تبصرة الحكام" "٢/ ١٤"، و"حاشية ابن عابدين" "٥/ ٢٥٠"، و"السيل الجرار" "٣/ ٢٣"، وكتابنا "المال الحرام وأحكامه" يسر الله إتمامه. ولا يفوتنا أن نشير إلى أن نظرية الباعث التي فصل المصنف فيها القول لم يكتشفها التشريع الوضعي إلا في العصر الحديث، وقد سماها "نظرية السبب الحديثة"، والاجتهاد بالرأي في التشريع =