للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَرُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ "كَانَ إِذَا اضْطَرَّ أَهْلُهُ إِلَى فَضْلِ اللَّهِ وَرِزْقِهِ؛ أَمَرَهُمْ بِالصَّلَاةِ"١ لِأَجْلِ هَذِهِ الْآيَةِ؛ فَهَذِهِ صَلَاةٌ لِلَّهِ يُسْتَمْنَحُ بِهَا مَا عِنْدَ اللَّهِ.

وَعَلَى هَذَا الْمَهِيعِ جَرَى ابْنُ الْعَرَبِيِّ٢ وشيخه فيمن أظهر علمه لِتَثْبُتَ عَدَالَتُهُ، وَتَصِحَّ إِمَامَتُهُ، وَلِيُقْتَدَى بِهِ إِذَا كَانَ مَأْمُورًا شَرْعًا بِذَلِكَ لِتَوَفُّرِ شُرُوطِهِ فِيهِ وَعَدَمِ مَنْ يَقُومُ ذَلِكَ٣ الْمَقَامَ؛ فَلَا بَأْسَ بِهِ عِنْدَهُمَا؛ لِأَنَّهُ قَائِمٌ بِمَا أُمِرَ بِهِ، وَتِلْكَ الْعِبَادَةُ الظَّاهِرَةُ لَا تَقْدَحُ فِي أَصْلِ مَشْرُوعِيَّةِ الْعِبَادَةِ، بِخِلَافِ مَنْ يَقْصِدُ٤ [نَفْسَ] ثُبُوتِ الْعَدَالَةِ عِنْدَ النَّاسِ أَوِ الْإِمَامَةِ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ؛ فَإِنَّهُ مَخُوفٌ وَلَا يَقْتَضِي ذَلِكَ الْعَمَلُ الْمُدَاوَمَةَ؛ لِأَنَّ فِيهِ مَا فِي طَلَبِ الْجَاهِ وَالتَّعْظِيمِ مِنَ الْخَلْقِ بِالْعِبَادَةِ.

وَمِمَّا يُنْظَرُ فِيهِ هُنَا الِانْقِطَاعُ إِلَى الْعَمَلِ لِنَيْلِ دَرَجَةِ الْوِلَايَةِ أَوِ الْعِلْمِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَيَجْرِي فِيهِ الْأَمْرَانِ٥، وَدَلِيلُ الْجَوَازِ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الْفُرْقَانِ: ٧٤] .

وَحَدِيثُ النَّخْلَةِ حِينَ قَالَ عُمَرُ لِابْنِهِ عَبْدِ اللَّهِ: "لَأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إلي من كذا وكذا"٦.


١ الحديث ضعيف، ومضى تخريجه "١/ ٣٣٣".
٢ في "أحكام القرآن" "١/ ١١٨، ١٣٦ و٢/ ٥١١" وغيره.
٣ في الأصل و"ط": "تلك".
٤ أي: ولم يكن مأمورا شرعا بذلك، بحيث فقد شرطا من الشروط السالفة. "د".
٥ وهما قصد أن يحمد أو يعظم أو يعطى، والقصد الذي قبله الذي لا مانع منه، وقوله: "ودليل الجواز"؛ أي: جواز أحد القصدين وهو السابق، أما الثاني؛ فلا يختلف في منعه. "د".
٦ أخرجه البخاري في "صحيحه" "كتاب العلم، باب الحياء من العلم، ١/ ٢٢٩/ رقم ١٣١، وكتاب الأدب، باب ما لا يستحي من الحق للتفقه في الدين، ١٠/ ٥٢٣-٥٢٤/ رقم ٦١٢٢"، ومسلم في "صحيحه" "كتاب صفات المنافقين، باب مثل المؤمن مثل النخلة، ٤/ ٢١٦٤-٢١٦٥/ رقم ٢٨١١"، وأحمد في "المسند" "٢/ ٣١، ٦١، ١١٥" عن ابن عمر رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>