للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا إِذَا قَصَدَ بِالنِّكَاحِ قَضَاءَ الْوَطَرِ خَاصَّةً، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِقَصْدِ الشَّارِعِ الْأَصْلِيِّ مِنَ التَّنَاسُلِ؛ فَلَيْسَ خِلَافًا لِقَصْدِ الشَّارِعِ كَمَا تَقَدَّمَ؛ فَكَذَلِكَ غَيْرُهُ مِمَّا مَضَى تَمْثِيلُهُ.

وَلَيْسَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُخَالِفَ لِقَصْدِ الشَّارِعِ بِلَا بُدٍّ هُوَ الِاحْتِيَالُ١ بِالتَّسَبُّبِ عَلَى تَحْصِيلِ أَمْرٍ، عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ التَّسَبُّبُ فِيهِ عَبَثًا لَا مَحْصُولَ تَحْتَهُ شَرْعًا إِلَّا التَّوَصُّلُ إِلَى مَا وَرَاءَهُ، فَإِذَا حَصَلَ انْحَلَّ التَّسَبُّبُ وَانْخَرَمَ مِنْ أَصْلِهِ، وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ إِلَّا وَهُوَ مُنْخَرِمٌ شَرْعًا فِي أَصْلِ التَّسَبُّبِ، وَأَمَّا إِذَا أَمْكَنَ أَنْ لَا يَنْخَرِمَ أَوْ أَمْكَنَ أَنْ لَا يَكُونُ مُنْخَرِمًا مِنْ أَصْلِهِ؛ فَلَيْسَ بِمُخَالِفٍ لِلْمَقْصِدِ الشَّرْعِيِّ مِنْ [كُلِّ] وَجْهٍ؛ فَهُوَ مَحَلُّ اجْتِهَادٍ، وَيَبْقَى التَّسَبُّبُ إِنْ صَحِبَهُ نَهْيٌ مَحَلَّ نَظَرٍ أَيْضًا٢، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِيهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَالْجِهَةُ الرَّابِعَةُ:

مِمَّا يُعْرَفُ بِهِ مَقْصِدُ الشَّارِعِ: السُّكُوتُ عَنْ شَرْعِ التَّسَبُّبِ٣، أَوْ عَنْ شَرْعِيَّةِ الْعَمَلِ مَعَ قِيَامِ الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لَهُ، وَبَيَانُ ذَلِكَ أَنَّ سكوت الشارع عن الحكم على ضربين:


١ لعل أصل العبارة هكذا: "وليس من هذا المخالف لقصد الشارع بلا بد، وهو الاحتيال ... إلخ"، أي: ليس من هذا النوع الذي أكد جوازه بما قرره ما يكون فيه التسبب حيلة للوصول به إلى غرض آخر، بحيث يزول ما تسبب فيه بمجرد وصوله إلى غرضه، كما تقدم في بيوع الآجال، وكالهبة للفرار من الزكاة؛ فإنه لا يعد من هذا النوع الذي فيه الكلام هنا، وهو ما لا يقتضي تأكيد المقصد الأصلي ولا رفعه؛ لأن هذا في الحقيقة يؤدي إلى رفعه وانخرامه، وقوله: "وأما إذا أمكن" يعني: وهو القسم الثالث هنا. "د".
٢ وهو ما أشار إليه كثيرا بترجمة الصلاة في الدار المغصوبة. "د".
٣ أي: في الأعمال العادية؛ كتضمين الصناع، وقوله: "أو عن شرعية العمل"؛ أي: في الأعمال العبادية، كتدوين المصحف. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>