للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسألة الأولى ١:

لما انبنت الشرعية عَلَى قَصْدِ الْمُحَافَظَةِ عَلَى الْمَرَاتِبِ الثَّلَاثِ مِنَ الضَّرُورِيَّاتِ وَالْحَاجِيَّاتِ وَالتَّحْسِينَاتِ، وَكَانَتْ هَذِهِ الْوُجُوهُ مَبْثُوثَةً٢ في أبواب


١ هذه المسألة تعتبر أُمًّا لجميع المسائل الأصولية المتعلقة بالأدلة الشرعية، بين بها شدة ارتباط هذه المسائل الأصولية بالأدلة الشرعية التفصيلية والقواعد الشرعية، بحيث لا يمكن استغناء المستنبط للأحكام عن النظر للأمرين معا؛ فلا يستغنى بالنظر في الجزئيات -أي الأدلة التفصيلية- عن النظر في الوقت نفسه للقاعدة الأصولية التي تعتبر كلية لها ليعرف بها هذا الجزئي من أي مرتبة هو، وما مقصد الشارع في مثله؟ كما أنه لا يستغنى بالكلية فيجريها في الجزئيات دون أن ينظر في الدليل الخاص بهذه الجزئية الوارد من الكتاب والسنة وما معهما، وقد ساق المصنف تمهيدا لذلك أول المسألة، ثم بين وجه حاجة الجزئيات إلى الكليات بقوله: "وإذا كان كذلك ... إلخ"، ثم بين عدم استغناء الكليات عن الجزئيات بقوله: "وكما أن ... إلخ"، ومد النفس في هذا الجانب؛ لأنه موضع التوهم لمخالفته المألوف في مثله. "د".
٢ "وذلك أن الله تعالى لما اقتضت حكمته الأزلية سعادة الخلق في الأولى والآخرة، ناطها بأحكام معقولة التناسب، ورتب عليها مصالح كفيلة بذلك". "ف".
وكتب "د" ما نصه: "أي: إن المراتب الثلاثة لا تخلو منها جزئية من مسائل الشريعة وفروعها، وأدلتها الشرعية التفصيلية مستغرقة لهذه الفروع والجزئيات، لا فرق بين ضروريات الدين وحاجياته وتحسيناته، ولا بين الأمور العادية والعبادية؛ فلا فرق في ذلك بين الصلاة والبيع والقضاء وغيرها، ولا بين قاعدة الغرر وقاعدة الربا مثلا، والغرض التعميم، وأن الأدلة التفصيلية عامة شاملة، إن لم تكن من الكتاب؛ فمن السنة أو الإجماع أو غيرهما من الاستحسان والمصالح المرسلة باعتبار الجزئيات في تلك الأدلة؛ فهذه كلها أدلة تفصيلية تتعلق بجزئيات المراتب الثلاث المذكورة، وكما أن الأمر هكذا في الأدلة التفصيلية؛ فهو كذلك أيضا في كلياتها التي أخذت من استقرائها، هي أيضا عامة لكل ما يتعلق بهذه المراتب الثلاث، لا تخص أدلة تفصيلية تتعلق ببعض المراتب دون بعض، ولا بعض القواعد الشرعية دون بعض، بل إنها كليات عامة تقع على جميع الأدلة التفصيلية والقواعد الشرعية المسماة جزئيا إضافيا؛ فتضبط مقاصدها ويتزن بها طريق إجرائها والعمل بها، فكما أن الجزئيات التي هي الأدلة التفصيلية والقواعد الشرعية المذكورة مبثوثة في جميع فروع =

<<  <  ج: ص:  >  >>