للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ هَذَا الْقِسْمِ مُخَالِفٌ لِإِجْمَاعِ الْأَوَّلِينَ، وَكُلُّ مَنْ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ؛ فَهُوَ مُخْطِئٌ، وَأُمَّةُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى ضَلَالَةٍ١، فَمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ فِعْلٍ أَوْ تَرْكٍ؛ فَهُوَ السُّنَّةُ وَالْأَمْرُ الْمُعْتَبَرُ، وَهُوَ الْهُدَى، وَلَيْسَ ثَمَّ إِلَّا صَوَابٌ أَوْ خَطَأٌ؛ فَكُلُّ مَنْ خَالَفَ السَّلَفَ الْأَوَّلِينَ فَهُوَ عَلَى خَطَأٍ، وَهَذَا كافٍ٢، وَالْحَدِيثُ الضَّعِيفُ الَّذِي لَا يَعْمَلُ الْعُلَمَاءُ بِمِثْلِهِ جارٍ هَذَا الْمَجْرَى٣.

وَمِنْ هُنَالِكَ لَمْ يَسْمَعْ أَهْلُ السُّنَّةِ دَعْوَى الرَّافِضَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَصَّ عَلَى عَلِيٍّ أَنَّهُ الْخَلِيفَةُ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ عَمَلَ كَافَّةِ الصَّحَابَةِ عَلَى خِلَافِهِ دَلِيلٌ عَلَى بُطْلَانِهِ أَوْ عَدَمِ اعْتِبَارِهِ، لِأَنَّ الصَّحَابَةَ لَا تَجْتَمِعُ عَلَى خَطَأٍ، وَكَثِيرًا مَا تَجِدُ أَهْلَ الْبِدَعِ وَالضَّلَالَةِ يَسْتَدِلُّونَ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، يُحَمِّلُونَهُمَا٤ مَذَاهِبَهُمْ، وَيُغَبِّرُونَ بِمُشْتَبِهَاتِهِمَا٥ فِي وُجُوهِ الْعَامَّةِ، وَيَظُنُّونَ أَنَّهُمْ عَلَى شيء.

ولذلك أمثلة كثيرة كالاستلالات الباطنية على سوء مذهبهم بما هو شهير


١ كما جاء في الحديث الصحيح بشواهده، ومضى تخريجه "٢/ ٤٣٤".
٢ هذه قاعدة بديعة، ركز عليها المصنف كثيرا فيما سبق وفيما سيأتي، وعليها مدار نجاة المرء، وتكلم عليها الفقهاء المحققون كثيرا، مثل: الشافعي في "رسالته" البغدادية، ونقل عنها ابن القيم في "إعلام الموقعين" "١/ ٨٠ و١/ ٦٩- ط دار الحديث"، وأولاها عناية تامة ابن تيمية؛ كما تراه في "مجموع الفتاوى" "٣/ ١٥٧ و٤/ ٩١-٩٤ و١٣٢ وما بعدها، و١٥٧-١٥٨ و٥/ ٧، ٨ و١٣/ ٢٤"، و"شرح العقيدة الأصفهانية" "ص١٢٨"، و"نقض المنطق" "٧، ٨"، و"الإيمان" "ص٤١٧"، وكذلك تلميذه ابن القيم في "إعلام الموقعين" "١/ ٧٩ وما بعدها و٤/ ١١٨ وما بعدها و١٤٧-١٥٥"، و"مختصر الصواعق المرسلة" "٢/ ٣٤٥-٣٤٩".
٣ فهو مصادم بعمل السلف الأولين. "ف".
٤ في الأصل و"ف" و"ط": "يحملونها"، قال "ف": "الأنسب يحملونها، وكذا قوله بمشتبهاتها، الأنسب فيه التثنية".
٥ هكذا في "د" فقط، وفي غيرها: "بمشتبهاتها".

<<  <  ج: ص:  >  >>