للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوِ احْتِمَالًا١ لَا يَنْهَضُ بِهِ الدَّلِيلُ أَنْ يَكُونَ حُجَّةً، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

أَمَّا لَوْ عَمِلَ بِالْقَلِيلِ دَائِمًا؛ لَلَزِمَهُ أُمُورٌ:

أَحَدُهَا: الْمُخَالَفَةُ لِلْأَوَّلِينَ فِي تَرْكِهِمُ الدَّوَامَ عَلَيْهَا، وَفِي مُخَالَفَةِ السَّلَفِ الْأَوَّلِينَ مَا فِيهَا.

وَالثَّانِي٢: اسْتِلْزَامُ تَرْكِ مَا دَاوَمُوا عَلَيْهِ؛ إِذِ الْفَرْضُ أَنَّهُمْ دَاوَمُوا عَلَى خِلَافِ هَذِهِ الْآثَارِ، فَإِدَامَةُ الْعَمَلِ عَلَى مُوَافَقَةِ مَا لَمْ يُدَاوِمُوا عَلَيْهِ مُخَالَفَةٌ لِمَا دَاوَمُوا عَلَيْهِ.

وَالثَّالِثُ٣: أَنَّ ذَلِكَ ذَرِيعَةٌ إِلَى انْدِرَاسِ أَعْلَامِ مَا دَاوَمُوا عَلَيْهِ وَاشْتِهَارِ مَا خَالَفَهُ؛ إِذِ الِاقْتِدَاءُ بِالْأَفْعَالِ أَبْلَغُ مِنَ الِاقْتِدَاءِ بِالْأَقْوَالِ، فَإِذَا وَقَعَ ذَلِكَ مِمَّنْ يُقْتَدَى بِهِ؛ كَانَ أَشَدَّ.

الحذرَ الحذرَ٤ مِنْ مُخَالَفَةِ الْأَوَّلِينَ! فَلَوْ كَانَ ثَمَّ فَضْلٌ [مَا] ٥؛ لَكَانَ الْأَوَّلُونَ أَحَقَّ بِهِ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ لَا يَثْبُتَ عَنِ الْأَوَّلِينَ أَنَّهُمْ عَمِلُوا بِهِ عَلَى حَالٍ؛ فَهُوَ أَشَدُّ مِمَّا قَبْلَهُ، وَالْأَدِلَّةُ الْمُتَقَدِّمَةُ جَارِيَةٌ هُنَا بِالْأَوْلَى، وَمَا تَوَهَّمَهُ الْمُتَأَخِّرُونَ مِنْ أَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى مَا زَعَمُوا لَيْسَ بِدَلِيلٍ عَلَيْهِ أَلْبَتَّةَ؛ إِذْ لَوْ كَانَ دَلِيلًا عَلَيْهِ؛ لَمْ يَعْزُبْ عَنْ فَهْمِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ثُمَّ يَفْهَمُهُ هَؤُلَاءِ، فَعَمَلُ الْأَوَّلِينَ كَيْفَ كَانَ مُصَادِمٌ لِمُقْتَضَى هَذَا الْمَفْهُومِ وَمُعَارِضٌ لَهُ، وَلَوْ كَانَ تَرْكَ الْعَمَلِ٦؛ فَمَا عَمِلَ بِهِ


١ لعله: "أو احتمال" بالعطف على ما قبله، أي: أمن ذلك كله، تأمل "ف".
٢ لازم لما قبله؛ أي: خالفهم فعلا وتركا، وهما متلازمان في مثله. "د".
٣ الأول والثاني عامان، وهذا الثالث خاص بما إذا كان من مقتدى به. "د".
٤ منصوب على التحذير. "ف".
٥ ما بين المعقوفتين سقط من الأصل و"ط".
٦ أي: ولو كان عملهم ترك العمل بمعنى الكف عنه، تأمل "ف".

<<  <  ج: ص:  >  >>