للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنْ لَا يُبْطِلَهُ وَيَعْتَمِدَ الْقَوْلُ بِهِ عَلَى وَجْهٍ، فَذَلِكَ الْوَجْهُ إِنْ صَحَّ وَاتَّفَقَ١ عَلَيْهِ؛ فَذَاكَ، وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ؛ فَهُوَ نَقْضُ الْغَرَضِ لأنه رام تصحيح دليله المرجوح بشيء٢ لَا يَصِحُّ؛ فَقَدْ أَرَادَ تَصْحِيحَ الدَّلِيلِ بِأَمْرٍ باطل، وذلك يقتضي بطلانه عندما رَامَ أَنْ يَكُونَ صَحِيحًا، هَذَا خُلْفٌ.

وَوَجْهٌ ثَالِثٌ٣، وَهُوَ أَنَّ تَأْوِيلَ الدَّلِيلِ مَعْنَاهُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى وَجْهٍ يَصِحُّ كَوْنُهُ دَلِيلًا فِي الجملة؛ فرده إلى ما لا يَصِحُّ رُجُوعٌ إِلَى أَنَّهُ دَلِيلٌ لَا يَصِحُّ عَلَى وَجْهٍ، وَهُوَ جَمْعٌ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ، وَمِثَالُهُ تَأْوِيلُ٤ مَنْ تَأَوَّلَ لَفَظَ الْخَلِيلِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النِّسَاءِ: ١٢٥] بِالْفَقِيرِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ يُصَيِّرُ الْمَعْنَى الْقُرْآنِيَّ غَيْرَ صَحِيحٍ٥، وَكَذَلِكَ تَأْوِيلُ مَنْ تَأَوَّلَ غَوَى مِنْ قَوْلِهِ: {وَعَصَى آدَمُ رَبَّه


١ أي: حتى يسلم الخصم صحة المعنى في ذاته؛ فيتأتى له دعوى حمل المرجوح عليه. "د".
٢ كذا في "ط"، وفي غيره: "لشيء".
٣ لا يبعد عما قبله. "د".
٤ انظر طائفة من الأمثلة القرآنية أولت تأويلًا فاسدًا في "التحبير" للسيوطي "باب غرائب التفسير، النوع الثاني والتسعون، ص٣٣٥-٣٣٦"؛ ففيه أمثلة أظهر، وفيه: "هذا النوع من زياداتي".
قال أبو عبيدة: وفي كُنَّاشاتي "قصاصاتي المنثورة" أمثلة كثيرة، وكذا في تأويلات خاطئة لأحاديث نبوية، عسى أن أنشط لجمعها في تأليف مستقل، يسر الله ذلك بمنه وكرمه، وسيذكر المصنف في "٤/ ٢٢٥ وما بعدها" أمثلة على هذا الموضوع.
٥ لأن إبراهيم الذي يقدم العجل السمين المشوي لضيوفه من عند أهله لا يصح أن يعد فقيرًا؛ فهذا غير صحيح في الاعتبار، لم يجر على مقتضى العلم، وما بعده تخلف فيه شرط قبول اللفظ المؤول له، ومثال بيان تخلف فيه الجميع؛ لأن اللفظ لا يقبله، لا من الإشارة في "هذا"، ولا من العطف في قوله: "وهدى ... إلخ"، ولا يجري على مقتضى العلم. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>