للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَغَوَى} [طه: ١٢١] أَنَّهُ مِنْ غَوِيَ١ الْفَصِيلُ لِعَدَمِ صِحَّةِ غَوَى بِمَعْنَى غَوِيَ٢؛ فَهَذَا لَا يَصِحُّ فِيهِ التَّأْوِيلُ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ، وَالْأَوَّلُ لَا يَصِحُّ فِيهِ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى، وَمِثَالُ مَا تَخَلَّفَتْ فِيهِ الْأَوْصَافُ تَأْوِيلُ بَيَانِ٣ بْنِ سَمْعَانَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاس} [آلِ عمران: ١٣٨] .

فصل

وَهَذَا الْمَعْنَى لَا يَخْتَصُّ بِبَابِ التَّأْوِيلِ، بَلْ هُوَ جارٍ فِي بَابِ التَّعَارُضِ وَالتَّرْجِيحِ؛ فَإِنَّ الِاحْتِمَالَيْنِ٤ قَدْ يَتَوَارَدَانِ عَلَى مَوْضُوعٍ وَاحِدٍ، فَيَفْتَقِرُ إلى الترجيح فيهما؛ فذلك ثانٍ عن قَبُولِ الْمَحَلِّ لَهُمَا، وَصِحَّتِهِمَا فِي أَنْفُسِهِمَا، وَالدَّلِيلُ في الموضعين واحد.


١ بالكسر: إذا بَشِم من شرب اللبن؛ أي: فالتأويل فاسد لأن ما في القرآن بالفتح، وسيأتي له هذا في المسألة التاسعة من الطرف الثاني من الأدلة. "د"، ونحوه في "م".
قلت: كتب في هامش الأصل ما نصه: "في المصباح": غوى غيًا من باب ضرب؛ انهمك في الجهل، وهو خلاف الرشد، وغوي الفصيل، غوي من باب تعب؛ فسد جوفه من شرب اللبن، وفساد هذا التأويل ظاهر".
٢ انظر: "الاعتصام" "١/ ٣٠١ - ط ابن عفان" للمصنف.
٣ يأتي للمؤلف في المسألة التاسعة المشار إليها آنفًا بيان عن بيان هذا. انظر "٤/ ٢٢٥، ٢٢٦".
وقال "ف": "هو بيان بن سمعان التميمي الهندي اليمني الشيعي، وله شرذمة تنسب إليه تسمى البيانية، تنتحل نحلًا باطلة".
قلت: انظر عن حاله وكفره "الفصل" "٤/ ١٨٥" لابن حزم، و"الملل والنحل" "١٥٢"، و"الفرق بين الفرق" "٢٣٦"، و"لسان الميزان" "٢/ ٦٩".
٤ لعل الأصل: "الدليلين"، وسيأتي بسطه في مبحث التعارض من كتاب الاجتهاد. "د".
قلت: قال ابن القيم في "الصواعق المرسلة" "١/ ١٨٧": "وبالجملة؛ فالتأويل الذي يوافق ما دلت عليه النصوص وجاءت به السنة ويطابقها هو التأويل الصحيح، والتأويل الذي يخالف ما دلت عليه النصوص وجاءت به السنة هو التأويل الفاسد، ولا فرق بين باب الخبر والأمر في ذلك".

<<  <  ج: ص:  >  >>