للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ فِي قَوْلِهِ: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُون....} إِلَى قَوْلِهِ: {وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُون} [الشُّعَرَاءِ: ٢٢٤-٢٢٦] : هُوَ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} ١ الآية [الشعراء: ٢٢٧] .

قال مكي٢: "وقد ذكر ابْنِ عَبَّاسٍ فِي أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ فِي الْقُرْآنِ فِيهَا حَرْفُ الِاسْتِثْنَاءِ؛ أَنَّهُ قَالَ: مَنْسُوخٌ".

قَالَ: "وَهُوَ مَجَازٌ لَا حَقِيقَةٌ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَثْنَى٣ مُرْتَبِطٌ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، بيّنَه حَرْفُ الِاسْتِثْنَاءِ أَنَّهُ٤ فِي بَعْضِ الْأَعْيَانِ الَّذِينَ عَمَّهُمُ اللَّفْظُ الْأَوَّلُ، وَالنَّاسِخُ


١ أخرجه النحاس في "الناسخ والمنسوخ" "ص٢٤٠" بإسناد ضعيف، وقال بعد كلام: "..... هذا الذي تسميه العرب استثناء لا نسخا....".
وأخرج أبو داود في "سننه" "كتاب الأدب، باب ما جاء في الشعر، رقم "٥٠١٦" من طريق علي بن حسين بن واقد المروزي -وهو صدوق يهم- عن أبيه عن يزيد النحوي عن عكرمة عن ابن عباس؛ قال: {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُون} ؛ فنسخ من ذلك واستثنى؛ فقال: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} .
وأخرج نحوه ابن جرير في "التفسير" "١٩/ ١٧٩"، وابن النحاس في "الناسخ والمنسوخ" "ص٢٤٠" عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وهذا إسناد حسن.
والشاهد أن النسخ هنا بمعنى التخصيص؛ كما هو ظاهر من قوله: "واستثنى"، وانظر: "الناسخ والمنسوخ" "٢/ ٣٢٣" لابن العربى.
٢ في كتابه "الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" "ص٣٧٣-٣٧٤".
٣ في مطبوع "الإيضاح": "الاستثناء".
٤ قال "ف": "الأنسب: "بيّن حرف الاستثناء أنه ... " إلخ، أو "نبه حرف الاستثناء أنه" ا. هـ.
رد عليه "د" بقوله: "إنه بدل من الضمير في بينه؛ فالكلام واضح لا يحتاج لتصحيح كما ظن". قلت: نص عبارة مكي في "الإيضاح" "ص٣٧٤": " ... بالمستثنى منه، يليه حرف الاستثناء الذي يلزمه؛ فبين أنه في بعض الأعيان ... "، ومنه يظهر صواب ما عند "ف".

<<  <  ج: ص:  >  >>