للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْضًا١، وَهُوَ إِطْلَاقُ النَّسْخِ فِي الْأَخْبَارِ، وَهُوَ غَيْرُ جَائِزٍ.

قَالَ مَكِّيٌّ٢: "وَأَيْضًا؛ فَإِنَّ هَذَا لَوْ نُسِخَ لَوَجَبَ زَوَالُ حُكْمِ دُخُولِ الْمَعْبُودِينَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كُلِّهِمُ النَّارَ؛ لِأَنَّ النَّسْخَ إِزَالَةُ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ وَحُلُولُ٣ الثَّانِي مَحَلَّهُ، وَلَا يَجُوزُ زَوَالُ الْحُكْمِ الْأَوَّلِ فِي هَذَا بِكُلِّيَّتِهِ، إنما زال بعضه؛ فهو تخصيص٤ وبيان".


١ أي: وكأن الأول ما حصل، وهو وإن لم يفد أنهم ومعبودهم ممن سبقت لهم الحسنى؛ إلا أنه قد زال كونهم حصب جهنم، وهو غير صحيح، هذا مراده. "د".
قلت: قال ابن العربي في "الناسخ والمنسوخ" "٢/ ٣٠٣" بعد كلام: "وهذا يبطل أن يكون ناسخا من وجهين ظاهرين:
أحدهما: أن الأول عموم، والثاني خصوص؛ والخصوص لا ينسخ العموم، وإنما يخصه.
الثاني: أن هذا ليس بتكليف بحكم ولا بفعل تعلق بأمر ونهي، وإنما هو وعيد ووعد، وليس فيها نسخ؛ إلا على الوجه الذي قدرناه من ارتفاع سبب الوعيد ليرتفع الوعيد بارتفاع سببه، وهذا بين لمن تأمله، والله أعلم".
٢ انظر: "زاد المسير" "٥/ ٢٥٦"، و"تفسير القرطبي" "١١/ ١٣٦"، و"الوسيط" "٣/ ١٩٠"، و"الناسخ والمنسوخ" "٢/ ٢٨٩-٢٩١" لابن العربي، و"نواسخ القرآن" "ص١٩٣"، وفيه: "وهذا من أفحش الإقدام على الكلام في كتاب الله سبحانه بالجهل، وهل بين الآيتين تناف؟ فإن الأولى تثبت أن الكل يردونها، والثانية تثبت أنه ينجو منهم من اتقى، ثم هما خبران، والأخبار لا تنسخ".
٣ في تفسيره "الهداية إلى بلوغ النهاية في علم معاني القرآن وتفسيره"، ونحوه في "الإيضاح" "ص٩٣، ٣٤٥-٣٤٦".
٤ أي: لمن يدخل النار من المعبودين، ويبقى الكلام في ورودها؛ فهل هو مخصص أيضا بآية: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ} مع أن آية الورود فيها ما يفيد بقاء عمومها، وهو قوله: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا} ؟ وهو الذي يفيده حديث مسلم: "لا يدخل النار إن شاء الله تعالى من أصحاب الشجرة أحد". فقالت حفصة: بلى يا رسول الله. فانتهرها، فقالت: وإن منكم إلا واردها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "قد قال الله: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا} الآية ". وكذا حديث ابن مسعود، راجع: "التيسير" في الآيتين، وعليه؛ فالآية الثانية لا يتعلق بها نسخ ولا تخصيص، وهذا هو الذي درج عليه شراح الحديث. "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>