للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ} [الْأَحْزَابِ: ٣٣] .

وَهُوَ كَثِيرٌ جِدًّا أَيْضًا.

وَلِأَجْلِ عَدَمِ التَّنَبُّهِ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْإِرَادَتَيْنِ وَقَعَ الْغَلَطُ فِي الْمَسْأَلَةِ؛ فَرُبَّمَا نَفَى بَعْضُ النَّاسِ الْإِرَادَةَ عَنِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مُطْلَقًا١، [وَرُبَّمَا نَفَاهَا بَعْضُهُمْ عَمَّا لَمْ يُؤْمَرْ بِهِ مُطْلَقًا وَأَثْبَتَهَا٢ فِي الْأَمْرِ مُطْلَقًا] ٣، وَمَنْ عَرَفَ الْفَرْقَ بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ لَمْ يَلْتَبِسْ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ.

وَحَاصِلُ الْإِرَادَةِ الْأَمْرِيَّةِ أَنَّهَا إِرَادَةُ التَّشْرِيعِ٤، وَلَا بُدَّ مِنْ إِثْبَاتِهَا بِإِطْلَاقٍ، وَالْإِرَادَةُ الْقَدَرِيَّةُ هِيَ إِرَادَةُ التَّكْوِينِ، فَإِذَا رَأَيْتَ فِي هَذَا التَّقْيِيدِ٥ إِطْلَاقَ لَفْظِ الْقَصْدِ٦ وَإِضَافَتِهِ إِلَى الشَّارِعِ؛ فَإِلَى مَعْنَى الْإِرَادَةِ التَّشْرِيعِيَّةِ أُشِيرُ، وَهِيَ أَيْضًا إِرَادَةُ التَّكْلِيفِ، وهو شهير٧ في عرف٨ الْأُصُولِيِّينَ أَنْ يَقُولُوا: "إِرَادَةَ التَّكْوِينِ"، [وَيَعْنُونَ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ إِرَادَةُ التَّكْلِيفِ] وَيَعْنُونَ بِالْمَعْنَى الثَّانِي٩ الَّذِي يَجْرِي ذِكْرُهُ بِلَفْظِ الْقَصْدِ فِي هَذَا الْكِتَابِ، ولا مشاحة في الاصطلاح، والله المستعان.


١ أخذا بظاهر رأي أهل السنة في عدم التلازم بين الأمر والإرادة، غافلا عن تعدد معنى الإرادة. "د".
٢ أخذا بظاهر رأي المعتزلة في تضمن الأمر الإرادة أو استلزامه لها. "د".
٣ ما بين المعقوفتين سقط من "م".
٤ أي: التي تقع في مقام التشريع كما في الآيات الأخيرة، ومثله يقال في قوله: "إرادة التكوين". "د".
٥ أي: التصنيف، وهو هذا الكتاب. "ف".
٦ وسترى منه في المسألة الثانية الشيء الكثير. "د".
٧ لعل في العبارة تحريفا، وتحريرها: "وقد اشتهر فِي عِلْمِ الْأُصُولِيِّينَ أَنْ يَقُولُوا: إِرَادَةَ التَّكْوِينِ، ويعنون بها المعنى الثاني". "ف".
٨ كذا في "ط"، وفي غيره: "علم".
٩ فيطلقون إرادة التكوين على إرادة التشريع، وهو خلاف اصطلاح هذا الكتاب، وقد لا تخلوا العبارة من تحريف. "د". قلت: لا تحريف مع إثبات ما بين المعقوفتين، وهو من انفراد "ط".

<<  <  ج: ص:  >  >>