للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ كَذَا وَكَذَا"١.

وَفِي الْقُرْآنِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ, عَلَيْهِ السَّلَامُ: {وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ} [الشُّعَرَاءِ: ٨٤] .

فَكَذَلِكَ إِذَا طَلَبَهُ لِمَا فِيهِ مِنَ الثَّوَابِ الْجَزِيلِ فِي الْآخِرَةِ، وَأَشْبَاهِ ذَلِكَ.

وَإِنْ كَانَ غَيْرَ خَادِمٍ لَهُ؛ فَالْقَصْدُ إِلَيْهِ ابْتِدَاءً غَيْرُ صَحِيحٍ، كَتَعَلُّمِهِ رِيَاءً، أَوْ ليُماري بِهِ السُّفَهَاءَ، أَوْ يُباهي بِهِ الْعُلَمَاءَ، أَوْ يَسْتَمِيلَ بِهِ قُلُوبَ الْعِبَادِ، أَوْ لِيَنَالَ مِنْ دُنْيَاهُمْ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ فَإِنَّ مِثْلَ هَذَا إِذَا لَاحَ لَهُ شَيْءٌ مِمَّا طَلَبَ زَهِدَ فِي التَّعَلُّمِ، وَرَغِبَ فِي التَّقَدُّمِ، وَصَعُبَ عَلَيْهِ إِحْكَامُ مَا ابْتَدَأَ فِيهِ، وَأَنِفَ مِنَ الِاعْتِرَافِ بِالتَّقْصِيرِ؛ فَرَضِيَ بِحَاكِمِ عَقْلِهِ، وَقَاسَ بِجَهْلِهِ؛ فَصَارَ مِمَّنْ سُئل فَأَفْتَى بِغَيْرِ عِلْمٍ؛ فضَلَّ وأضلَّ، أَعَاذَنَا اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ بِفَضْلِهِ.

وَفِي الْحَدِيثِ: "لَا تعلَّموا الْعِلْمَ لُتباهوا بِهِ الْعُلَمَاءَ، وَلَا لتُماروا بِهِ السُّفَهَاءَ، وَلَا لِتَحْتَازُوا بِهِ الْمَجَالِسَ، فَمَنْ فَعَلَ ذلك؛ فالنار النار" ٢.


١ أخرجه البخاري في "صحيحه" "كتاب العلم، باب الحياء في العلم، ١/ ٢٢٩/ رقم ١٣١، وكتاب الأدب، باب ما لا يستحى من الحق للتفقه في الدين، ١٠/ ٥٢٣-٥٢٤/ رقم ٦١٢٢"، ومسلم في "صحيحه" "كتاب صفات المنافقين، باب مثل المؤمن مثل النخلة، ٤/ ٢١٦٤-٢١٦٥/ رقم ٢٨١١"، وأحمد في "المسند" "٢/ ٣١، ٦١، ١١٥" عن ابن عمر, رضي الله عنهما.
قال "م": "كان ابن عمر حدثا؛ فاستحيا أن يذكر ما جال بخاطره".
٢ أخرجه ابن ماجه في "السنن" "المقدمة، باب الانتفاع بالعلم والعمل به، ١/ ٩٣/ رقم ٢٥٤"، وابن حبان في "الصحيح" "رقم ٩٠- موارد"، والحاكم في "المستدرك" "١/ ٨٦"، والآجري في "أخلاق العلماء" "ص١٠٠"، والخطيب في "الجامع" "١/ ٨٦-٨٧"، وابن عبد البر في "الجامع" "١/ ١٨٧" من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- وصححه الحاكم والمنذري في "الترغيب والترهيب" "١/ ١١٦"، وقال البوصيري في "زوائد ابن ماجه" "١/ ١١١": "هذا إسناد رجاله ثقات على شرط مسلم"؛ فهو صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>