للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَى سَائِرِ مَا فِي هَذَا الْمَعْنَى مِمَّا هُوَ صَرِيحٌ فِي أَنَّ أَصْلَ الْأَسْبَابِ التَّسَبُّبُ، وَأَنَّهَا لَا تَمْلِكُ شَيْئًا، وَلَا تَرُدُّ شَيْئًا، وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُعْطِي وَالْمَانِعُ، وَأَنَّ طَاعَةَ اللَّهِ هِيَ الْعَزِيمَةُ الْأُولَى.

وَالثَّالِثُ: مَا ثَبَتَ مِنْ هَذَا الْعَمَلِ عَنِ الْأَنْبِيَاءِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ [وَسَلَامُهُ] ١؛ فَقَدَّمُوا طَاعَةَ اللَّهِ عَلَى حُقُوقِ أَنْفُسِهِمْ، فَقَدْ قَامَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حَتَّى تفطرت٢ قدماه.


١ زيادة من الأصل.
٢ الشواهد التي ساقها المؤلف هنا محل بحث، أما قيامه عليه السلام حتى تفطرت قدماه؛ فإنما يصح أن يكون دليلًا إذا ثبت أنه في ذلك زاد عما طلب منه حتمًا على وجه الخصوصية في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ، قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا} [المزمل: ١] ، وقوله: "أفلا أكون عبدا شكورا؟ " جوابا لمن قال له: لِمَ تجهد نفسك وقد غفر الله لك ما تقدم وما تأخر؟ لا ينافي أن يكون الشكر بالامتثال، وأما تبليغه رسالة ربه على خوف من قومه؛ فمعلوم أنه صلى الله عليه وسلم مأمور بالتبليغ حتمًا، {قُمْ فَأَنْذِرْ ... } إلى قوله: {وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ} [المدثر: ٢-٧] ، وهذا في أول الأوامر بالتبليغ جاء حتما، ومثله: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} [الحجر: ٩٤] ، واقترن الأمر الحتم بكفالة التأييد {وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئينَ} [الحجر: ٩٤-٩٥] ، {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ....} إلى قوله: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقَامٍ} [الزمر: ٣٦-٣٧] ، وما وصل إليه الأمر بالتبليغ إلا بعد أن ثبته الله تعالى وطمأنه باطلاعه على باهر قدرته، وعظيم جنده المالئين للسماوات =

<<  <  ج: ص:  >  >>