للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا الثَّالِثُ؛ فَلَا مُعَارَضَةَ فِيهِ، فَإِنَّ أَدِلَّتَهُ لَا تَدُلُّ عَلَى تَقْدِيمِ حُقُوقِ الْعِبَادِ عَلَى حُقُوقِ اللَّهِ١ أَصْلًا وَإِذَا لَمْ تَدُلَّ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ [فِيهَا] ٢ مُعَارَضَةٌ أَصْلًا وَإِلَى هَذَا كُلِّهِ؛ فَإِنَّ تَقْدِيمَ حُقُوقِ الْعِبَادِ إِنَّمَا يَكُونُ حَيْثُ٣ يُعَارِضُ فِي تَقْدِيمِ حَقِّ اللَّهِ مُعَارِضٌ يَلْزَمُ مِنْهُ تَضْيِيعُ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّهُ إِذَا شَقَّ عَلَيْهِ الصَّوْمُ مَثَلًا لِمَرَضِهِ، وَلَكِنَّهُ صَامَ؛ فَشَغَلَهُ أَلَمُ الْمَشَقَّةِ بِالصَّوْمِ عَنِ اسْتِيفَاءِ الصَّلَاةِ عَلَى كَمَالِهَا، وَإِدَامَةِ الْحُضُورِ فِيهَا، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ؛ عَادَتْ عَلَيْهِ الْمُحَافَظَةُ عَلَى تَقْدِيمِ حَقِّ اللَّهِ إِلَى الْإِخْلَالِ بِحَقِّهِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، فَأَمَّا إِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ؛ فَلَيْسَ تَقْدِيمُ حَقِّ اللَّهِ عَلَى حَقِّ الْعَبْدِ بِنَكِيرٍ أَلْبَتَّةَ، بَلْ هُوَ الْأَحَقُّ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَهَذَا فِقْهٌ فِي الْمَسْأَلَةِ حَسَنٌ جِدًّا٤، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.

فَصْلٌ

وَاعْلَمْ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنْ تَأْخِيرِ حُقُوقِ الْعِبَادِ إِنَّمَا هُوَ فِيمَا٥ يَرْجِعُ إِلَى نَفْسِ الْمُكَلَّفِ لَا إِلَى غَيْرِهِ، أَمَّا مَا كَانَ مِنْ حَقِّ غَيْرِهِ مِنَ الْعِبَادِ؛ فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ تعالى، وقد تبين هذا في موضعه.


١ في "ف" و"ط": "حقوق الله على حقوق العباد" بتقديم وتأخير، وهو خطأ.
وفي هذا الموضع من حاشية الأصل قال المحشي: "يعني أن الأدلة السابقة تدل على جواز اطراح حظ العبد وتقديم حد الله، وأن الجواز ليس بمستوي الطرفين، بل تقديم حق الله أولى، وأدلة حقوق العباد تدل على جواز مراعاة حظ العبد، وهذا لا ينافي الأول؛ فلا تعارضها، وبالجملة؛ فأدلة الجانبين متفقة على الجواز، وتزيد الجانب الأول؛ فإن الأولى والأرجح تقديم حق الله، وهذا واضح جدًّا في عدم التعارض؛ فتأمل".
٢ سقط من "ط".
٣ وفي الحقيقة يرجع إلى تقديم حق الله تعالى. "د".
٤ نعم، فقه حسن، ولكن هذه المسألة ينقصها بسط التفريع على مسألة الحقوق كما أشرنا إليه، كما ينقصها أكثر من هذا تحرير الأدلة وإحكامها، كما تعودناه من المؤلف رحمه الله. "د".
٥ في "ط": "مما".

<<  <  ج: ص:  >  >>