للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجَهْلِ عِلْمًا؛ فَلَيْسُوا مِنَ الرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ، وَلَا مِمَّنْ صَارَ لَهُمْ كَالْوَصْفِ، وَعِنْدَ ذَلِكَ لَا حِفْظَ١ لَهُمْ فِي الْعِلْمِ؛ فَلَا اعْتِرَاضَ بهم.


= التوفيق".
وقال ابن عبد البر: "هذا عند أهل العلم بالحديث حديث غير صحيح، حملوا فيه على نعيم بن حماد، وقال أحمد بن حنبل ويحيى بن معين: حديث عوف بن مالك هذا لا أصل له، وأما ما روي عن السلف في ذم القياس؛ فهو عندنا قياس على غير أصل أو قياس يرد به الأصل".
قلت: مراد أحمد ويحيى هذا الحديث بلفظه المذكور، وفيه ذكر وذمٌّ للقياس، وإلا؛ فقد أخرج ابن ماجه في "السنن" "رقم ٣٩٩٢"، وابن أبي عاصم في "السنة" "رقم ٦٣"، واللالكائي في "شرح أصول اعتقاد أهل السنة" "رقم ١٤٩" بسند جيد من حديث عوف بن مالك مرفوعا: "افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة؛ فواحدة في الجنة، وسبعين في النار، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة؛ فواحدة في الجنة، وإحدى وسبعين في النار، والذي نفسي بيده؛ لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة؛ فواحدة في الجنة، وثنتين وسبعين في النار ". قيل: يا رسول الله! من هم؟ قال: "هم الجماعة ".
وأخرجه من حديثه أيضا الحاكم في "المستدرك" "١/ ١٢٨-١٢٩" من طريق أخرى، ولكن فيها كثير بن عبد الله المزني، لا تقوم به الحجة.
ولحديث عوف باللفظ السابق -وليس بلفظ المصنف- شواهد عديدة من حديث أبي هريرة ومعاوية وأنس وعبد الله بن عمرو، وقد صححه جمع من الحفاظ؛ كما بيَّن ذلك بتطويل وتحقيق متين شيخنا الألباني -فسح الله مدته- في "السلسلة الصحيحة" "رقم ٢٠٣، ٢٠٤".
وقد ضعّف حديث عوف -بلفظ المصنف- الزركشي فقال في "المعتبر" "ص٢٢٧": "هذا حديث لا يصح، مداره على نُعيم بن حماد، قال الحافظ أبو بكر الخطيب في "تاريخه" "١٣/ ٣١١": بهذا الحديث سقط نعيم بن حماد عند كثير من أهل الحديث، وكان يحيى بن معين لا ينسبه إلى الكذب، بل إلى الوهم، وقال النسائي: ليس بثقة. وقال أبو زرعة: قلت ليحيى بن معين في حديث نعيم هذا وسألته عن صحته؛ فأنكره. قلت له: من أين يؤتى؟ قال: شبه له. وقال محمد بن علي بن حمزة المروزي: سألت يحيى بن معين عن هذا الحديث، قال: ليس له أصل. قلت: فنُعيم بن حماد؟ قال: نُعيم ثقة. قلت: كيف يحدّث ثقة بباطل؟ قال: شُبِّه له".
١ في "م": "حظ".

<<  <  ج: ص:  >  >>