للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَإِيضَاحًا لِلْحَقِّ الَّذِي هُوَ مُضَادٌّ لَهُمَا؛ فَكَأَنَّ السُّؤَالَ إِنَّمَا وَرَدَ قَبْلَ تَقْرِيرِ هَذَا الْمَعْنَى.

وَأَيْضًا، فَإِنَّ ذَلِكَ لَمَّا كَانَ تَقْرِيرًا لِحُكْمٍ شَرْعِيٍّ بِلَفْظٍ عَامٍّ؛ كَانَ مَظِنَّةً لِأَنْ يُفْهَمَ مِنْهُ الْعُمُومُ فِي كُلِّ ظُلْمٍ، دَقَّ أَوْ جَلَّ؛ فَلِأَجْلِ هَذَا سَأَلُوا وَكَانَ١ ذَلِكَ عِنْدَ نُزُولِ السُّورَةِ، وَهِيَ مَكِّيَّةٌ نَزَلَتْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ تَقْرِيرِ جَمِيعِ كُلِّيَّاتِ٢ الْأَحْكَامِ.

وَسَبَبُ احْتِمَالِ٣ النَّظَرِ ابْتِدَاءً أَنَّ قَوْلَهُ: {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} [الْأَنْعَامِ: ٨٢] نَفْيٌّ عَلَى نَكِرَةٍ، لَا قَرِينَةَ فِيهَا تَدُلُّ عَلَى اسْتِغْرَاقِ أَنْوَاعِ الظُّلْمِ، بَلْ هُوَ كَقَوْلِهِ: لَمْ يَأْتِنِي رَجُلٌ؛ فَيَحْتَمِلُ الْمَعَانِيَ الَّتِي ذَكَرَهَا سِيبَوَيْهِ، وَهِيَ كُلُّهَا نَفْيٌ لِمُوجِبٍ مَذْكُورٍ أَوْ مُقَدَّرٍ، وَلَا نَصَّ فِي مِثْلِ هَذَا عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ فِي جَمِيعِ الْأَنْوَاعِ الْمُحْتَمِلَةِ؛ إِلَّا مَعَ الْإِتْيَانِ بِمَنْ وَمَا يُعْطِي مَعْنَاهَا، وَذَلِكَ مَفْقُودٌ هُنَا، بَلْ فِي السُّورَةِ٤ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ النَّفْيَ وَارِدٌ على ظلم معروف، وهو ظلم


١ في "ط": "وكل".
٢ أي: التي منها: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨] . "د".
٣ أي: فالآية باعتبار ذاتها وقطع النظر عن الآيات الآخرى السابقة واللاحقة نراها باعتبار الاستعمال مجملة، لا نص فيها على الاستغراق الوضعي ولا على غيره؛ فجاء الاحتمال المقتضي للسؤال. "د".
٤ لا حاجة إليه في هذا المقام؛ لأنا في مقام سبب الإجمال كما قال بعد: "فصارت الآية من جهة إفرادها بالنظر ... إلخ".

<<  <  ج: ص:  >  >>