قلت: وقال ابن القيم في "إعلام الموقعين" "١/ ٤٣٤": "إن سياق اللفظ عند إعطائه حقه من التأمل يبين ذلك -أي: إن معنى الظلم في الآية هو الشرك- فإنه الله سبحانه لم يقل: ولم يظلموا أنفسهم، بل قال: {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْم} ، ولبس الشيء بالشيء تغطيته به، وإحاطته به من جميع جهاته، ولا يغطي الإيمان ويحيط به ويلبسه إلا الكفر". وانظر حول تفسير الآية: "مجموع فتاوى ابن تيمية" "٧/ ٧٩-٨٢". ٢ في "ط": "محتملة". ٣ كأنه يقول: إن هذا النوع أو النوعين من الظلم هما اللذان اختصا بالعناية في هذه السورة إبطالًا لهما بالحجة ... إلخ ما سبق، فلما جاء ذكر الظلم في آية: {الَّذِينَ آمَنُوا....} إلخ [الأنعام: ٨٢] جاء نازلًا من أول الأمر على معناه المذكور؛ فلا حاجة به إلى تخصيص، وهو في ذاته ظاهر إلا أنه لا يظهر فيه كونه وضعًا شرعيًّا، وعده من نوع الحقيقة الشرعية التي قال فيها: "إن نسبتها إلى مطلق الوضع الاستعمالي العربي كنسبة الوضع في الصناعات الخاصة إلى الوضع الجمهوري"، فإنما يظهر ذلك بالنسبة لمثل لفظ صلاة وصوم وحج وزكاة، أما الظلم، فلم يوضع في الشرع وضعًا خاصًّا، بل لا يزال بالمعنى الذي يقتضيه الوضع الأصلي والوضع الاستعمالي العربي بحسب المقام والقرائن، نعم، الاستعمال الشرعي في هذه الآية فهم من الآيات السابقة، ومن عناية الكتاب في هذه السورة بهذا النوع من الظلم، فكان قرينة على المراد منه؛ فلا حاجة به إلى تخصيص آخر منفصل أو متصل، وما وجد من السؤال والجواب إزاحة لإجمال فقط، والحاصل أن قوله سابقًا: "والثاني المقصد في الاستعمال الشرعي الوارد في القرآن بحسب تقرير الشريعة" =