للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ} [الْأَنْبِيَاءِ: ٩٨] [فِي الْأَصْنَامِ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ] ١، "وَمَا" لِمَا لَا يَعْقِلُ؛ فَكَيْفَ تَشْمَلُ الْمَلَائِكَةَ وَالْمَسِيحَ؟!

وَالَّذِي٢ يَجْرِي عَلَى أَصْلِ مَسْأَلَتِنَا أَنَّ الْخِطَابَ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لِكُفَّارِ قُرَيْشٍ، وَلَمْ يَكُونُوا يَعْبُدُونَ الْمَلَائِكَةَ وَلَا الْمَسِيحَ، وَإِنَّمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ؛ فَقَوْلُهُ: {وَمَا تَعْبُدُونَ} [الْأَنْبِيَاءِ: ٩٨] عَامٌّ فِي الْأَصْنَامِ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَ، فَلَمْ يَدْخُلْ فِي الْعُمُومِ الِاسْتِعْمَالِيِّ غَيْرُ ذَلِكَ؛ فَكَانَ اعْتِرَاضُ الْمُعْتَرِضِ جَهْلًا مِنْهُ بِالْمَسَاقِ، وَغَفْلَةً عَمَّا قُصِدَ فِي الْآيَاتِ.

وَمَا رُوِيَ مِنْ قَوْلِهِ: "مَا أَجْهَلَكَ بِلُغَةِ قَوْمِكَ يَا غُلَامُ"٣ دَلِيلٌ عَلَى عَدَمِ تَمَكُّنِهِ فِي فَهْمِ الْمَقَاصِدِ٤ الْعَرَبِيَّةِ وَإِنْ كَانَ مِنَ الْعَرَبِ؛ لِحَدَاثَتِهِ وَغَلَبَةِ الْهَوَى عَلَيْهِ فِي الِاعْتِرَاضِ أَنْ يَتَأَمَّلَ مَسَاقَ الْكَلَامِ حَتَّى يَهْتَدِيَ٥ لِلْمَعْنَى الْمُرَادِ، وَنَزَلَ٦ قَوْلُهُ: {إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى} [الْأَنْبِيَاءِ: ١٠١] بَيَانًا٧


١ ما بين المعقوفتين زيادة من الأصل، وسقط من النسخ المطبوعة و"ط".
٢ خلاصة الجواب على طريقة غير المؤلف أن لفظ "ما" لا يشمل عيسى ولا الملائكة بقطع النظر عن مساق الآية، وعلى طريقة المؤلف -من اعتبار المساق وكونها في كفار قريش- يكون الجواب بالنظر إلى الواقع وهو أن قريشًا لم تعبد عيسى ولا الملائكة؛ فلا يتصور دخولهما ولو كان لفظ "ما" صالحًا للشمول، وقد وجه المؤلف الأثر على كلتا الطريقتين، والواقع أنه صالح للتنزيل عليهما. "د".
٣ انظر الحاشية في الصفحة السابقة.
٤ أي: التي لا بد من الاسترشاد فيها بما يساق الكلام له. "د".
٥ هكذا في الأصل، وفي غيره: "يتهدى".
٦ مضى تخريجه "٣/ ٣٦٢".
٧ أي: لزيادة بيان جهل المعترض؛ كما في "شرح المنهاج". "د".

<<  <  ج: ص:  >  >>