للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِجَهْلِهِ.

وَمِثْلُهُ مَا فِي "الصَّحِيحِ"١ أَنَّ مَرْوَانَ قَالَ لِبَوَّابِهِ٢: "اذْهَبْ يَا رَافِعُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَقُلْ لَهُ: لَئِنْ كَانَ كُلُّ امْرِئٍ فَرِحَ بِمَا أُوتِيَ، وَأَحَبَّ أَنْ يُحْمَدَ بِمَا لَمْ يَفْعَلْ٣ مُعَذَّبًا؛ لَنُعَذَّبَنَّ أَجْمَعُونَ. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا لَكُمْ وَلِهَذِهِ الْآيَةِ؟ إِنَّمَا دَعَا النَّبِيُّ٤ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَهُودَ فَسَأَلَهُمْ عَنْ شَيْءٍ، فَكَتَمُوهُ إِيَّاهُ وَأَخْبَرُوهُ بِغَيْرِهِ؛ فَأَرَوْهُ أَنْ قَدِ اسْتَحْمَدُوا إِلَيْهِ٥ بِمَا أَخْبَرُوهُ عَنْهُ فِيمَا سَأَلَهُمْ وَفَرِحُوا بِمَا أُوتُوا٦ مِنْ كِتْمَانِهِمْ. ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [آلِ عِمْرَانَ: ١٨٧] كَذَلِكَ حَتَّى قَوْلِهِ: {يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا} [آلِ عِمْرَانَ: ١٨٨] "؛ فَهَذَا٧ من ذلك المعنى أيضًا.


١ أخرجه البخاري في "صحيحه" "كتاب التفسير، باب {لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا} ، ٨/ ٢٣٣/ رقم ٤٥٦٨".
٢ فاهمًا أن الموصول في قوله تعالى: {لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ} الآية على عمومه شامل لكل من يؤتى شيئًا أو يأتي شيئًا، كما قيل: فيفرح به فرح إعجاب، ويود أن يحمده الناس بما هو عار عنه من الفضائل. "ف".
٣ في "الصحيح": "يعمل".
٤أي: إن الآية نزلت في شأن خاص بأهل الكتاب بدليل قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} ؛ فليس الموصول على عمومه شاملًا لما ذكر."ف".
٥ في "ط": "عليه".
٦ في "الصحيح": "أتوا".
٧ فمروان أفرد الآية عما قبلها، فظن العموم؛ فبين له الحبر في جوابه ما يتنزل عليه هذا العموم، بمساعدة سياق الآية والقصة التي نزلت فيها، ومن أدب المؤلف مع مروان قوله: "فهذا من ذلك المعنى"، ولم يقل لعدم تمكن مروان من فهم مقاصد الشريعة، وقوله: "فجوابهم"؛ أي: الأجوبة التي سبقت عن توقفهم في الآيات الثلاث. "د".
قلت: وانظر "البرهان في علوم القرآن" "١/ ٢٧-٢٨". قال "ف": ""أوتوا" قرئ بضم الهمزة؛ أي: أو أعطوا، وبفتحها مقصورة وممدودة".

<<  <  ج: ص:  >  >>